Author

أسعار النفط تعكس تراجع الطلب

|

تتحرك "أوبك" وشركاؤها بسرعة لمحاولة وقف الانخفاض في أسعار النفط مع استمرار تراجع الطلب على النفط نتيجة فيروس كورونا الذي ضرب الصين الشهر الماضي وأثار المخاوف بشأن تأثر الاقتصاد.
ففي الأسبوع الماضي، اجتمعت اللجنة الفنية المشتركة للمجموعة JTC على مدى ثلاثة أيام لتقييم الأضرار والتوصية بخطة عمل لمجابهة انخفاض الأسعار. وتشير التقارير الصحافية إلى أن "أوبك" وشركاءها يدرسون تخفيضات أكبر بنسبة تراوح بين 500 ألف ومليون برميل يوميا. لقد كانت هذه التحركات كافية لوقف الانخفاض في أسعار النفط منتصف الأسبوع الماضي، بعد أن انخفضت أسعار خام غرب تكساس الوسيط لفترة وجيزة إلى أقل من 50 دولارا للبرميل خلال تداولات يوم الإثنين.
من جانب آخر، قال المدير المالي لشركة بريتش بتروليوم إن فيروس كورونا يمكن أن يخفض من 300 إلى 500 ألف برميل يوميا من نمو الطلب العالمي لهذا العام. سيتضح ذلك أكثر مع الوقت، لكن دون شك ستكون هناك تداعيات على الطلب. وأضاف، إذا قامت "أوبك" وشركاؤها بتمديد التخفيضات حتى نهاية العام، فإن ذلك يجب أن يقضي على أي فائض في العرض ويعيد التوازن إلى الأسواق.
لقد انخفضت أسعار النفط بنسبة 20 في المائة خلال الشهر الماضي. بالفعل كانت الأسواق تعاني زيادة طفيفة في المعروض في شهر كانون الثاني (يناير)، قبل أن يبدأ فعليا تأثير فيروس كورونا. في هذا الجانب، قال بعض المحللين إن قدرة "أوبك" وشركائها على موازنة السوق ستعتمد بشكل رئيس على السعودية. على كل حال، إن القيود المفروضة على معالجة النفط الخام التي تم إعلانها في الصين ستؤثر في ما يقرب من مليون برميل في اليوم وليس 500 ألف برميل يوميا.
في هذه الأثناء، سلط تقرير صدر عن "جولدمان ساكس" الضوء أكثر على جانب الطلب من المعادلة. حيث قال محللون في "جولدمان" إن انخفاض أسعار النفط بمقدار 11 دولارا للبرميل خلال الأسابيع القليلة الماضية، أسهم بشكل فعال في الصدمة الكبيرة في الطلب على النفط. لتوضيح هذه الديناميكية، فإن التحول الأخير في منحنى العقود الآجلة لخام برنت إلى حالة الكونتانجو "التي تتمثل في تراجع الأسعار الحالية عن الأسعار الآجلة"، لأول مرة منذ تموز (يوليو) الماضي، ستكون متسقة مع تحول الأسواق الفعلية فجأة إلى فائض كبير في العرض. بطبيعة الحال، لا تزال تقديرات تأثر الطلب مجرد تخمينات، حيث تعتمد درجة التأثير كثيرا على مدة وشدة الأزمة. ومع ذلك، قال "جولدمان ساكس" إن نموذجه، الذي يتضمن تحولات في هيكل منحنى العقود الآجلة للنفط وكذلك مستويات المخزون، يشير إلى خسارة تقدر بنحو 500 ألف برميل يوميا في نمو الطلب العالمي. لكن، نموذج "جولدمان ساكس" آخذ بنظر الاعتبار أيضا احتمالية 50 في المائة أن تقوم "أوبك" وشركاؤها بخفض إضافي للإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا، كما افترض أن انقطاع مليون برميل يوميا من الإنتاج الليبي سيستمر حتى أوائل آذار (مارس). ما يجعل إجمالي انهيار الطلب تقريبا 750 ألف برميل في اليوم مقارنة بالتوقعات الأصلية للبنك.
بالفعل، أشارت مصادر الطيران إلى إلغاء أكثر من 54 ألف رحلة مجدولة من/إلى وداخل الصين في الفترة من 23 كانون الثاني (يناير) إلى 4 شباط (فبراير)، ما أدى إلى تأثير مضاعف في الطلب العالمي على النفط. تمثل هذه الرحلات الملغاة نحو 28 في المائة من جميع الرحلات المجدولة من/إلى وداخل الصين، و14 في المائة من تلك الرحلات التي تم إلغاؤها كانت رحلات دولية. ومزيد من الإلغاء قادم حسب المصدر نفسه. وأدت عمليات إلغاء الرحلات الجوية إلى انخفاض مبيعات وقود الطائرات، التي تراجعت بنسبة 25 في المائة في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، لا شك أن هذا الانخفاض سينسحب على الطلب على النفط الخام.
إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يقلل فيروس كورونا نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 0.44 في المائة. مثل هذا التراجع في الناتج المحلي الإجمالي العالمي هو أكبر من أسوأ السيناريوهات التي حددها خبراء "جولدمان ساكس" الاقتصاديون في آخر تقييم لهم للربع الثاني، ما يشير إلى أن أسواق النفط أخذت بالفعل بنظر الاعتبار صدمة كبيرة في الطلب على النفط مقارنة بباقي السلع. نظرا لذلك سيكون هناك تأثير إضافي قليل في أسعار النفط. في دراسة أخرى، قال بنك الاستثمار ستاندرد تشارترد إن كثيرين يعتمدون على ليبيا التي تحظى إمداداتها النفطية باهتمام قليل بشكل لافت للنظر على الرغم من شدة الأزمة فيها. حيث إن الحرب الأهلية مستمرة والجيش الوطني الليبي حاصر فعليا كثيرا من صادرات البلاد النفطية.
إذا استمر انقطاع الإمدادات من ليبيا بمعدل مليون برميل في اليوم، فإن الفائض في السوق للنصف الأول من العام بسبب فيروس كورونا سيعوضه العجز في الإمدادات في النصف الثاني من عام 2020، حتى في ظل سيناريو البنك الذي يتضمن تداعيات أكثر حدة على الطلب. ومع ذلك، على الرغم من أن انقطاع الإنتاج الليبي قد يؤخر أو يقلل رد فعل السوق، إلا أن الضغوط على الأسعار من المرجح أن تفرض على "أوبك" تخفيضات إضافية على الرغم من تشدد الأسواق المحتمل في النصف الثاني من العام.
هناك عديد من المتغيرات حيث إن أي توقعات للأسعار قد تكون خاطئة إذا تصرف أحد العوامل بشكل مختلف عن المتوقع. لكن "أوبك" وشركاؤها لم تدع أي شيء للمصادفة. حيث اجتمعت اللجنة الفنية المشتركة للمجموعة JTC على مدى ثلاثة أيام وأوصت بخفض مؤقت لإنتاج النفط قدره 600 ألف برميل يوميا استجابة لتأثير فيروس كورونا في الطلب على النفط.

إنشرها