العدادات الذكية .. ما الذي يهم المواطن؟

باختصار، كما غيرت الهواتف الذكية حياتنا في عالم الاتصال مع الأصدقاء والعالم، فإن العدادات الذكية للكهرباء ستغير سلوكنا إلى حد كبير في التعامل مع استهلاك الطاقة. حيث ستقوم الشركة السعودية للكهرباء بتركيب عدادات ذكية للكهرباء مجانا في المنازل جميعها في المملكة. ولك أن تتساءل - أخي المواطن - عن أثر العدادات الذكية مستقبلا في حياتك اليومية، وهذا ما سأجيب عنه في هذا المقال.
يقيس العداد الذكي استهلاك الطاقة الكهربائية لحظيا، ويرسل مقدار الاستهلاك إلى شركة الكهرباء، وله عدد من الفوائد مثل، الدقة العالية، قياس الطاقة الكهربائية القادمة من الشبكة الكهربائية أو المنتجة من المنزل "من خلال الألواح الشمسية مثلا"، التحكم عن بعد في تشغيل أو فصل الكهرباء لمشترك "مستهلك" معين، التنبيه في حال زاد الاستهلاك عن المعدل وزيادة الاعتمادية على الشبكة الكهربائية، التحكم في مقدار التعرفة بناء على ساعة الاستهلاك "مثل تعرفة مرتفعة لساعات الذروة اليومية"، وغير ذلك من الفوائد.
وباستخدام العدادات الذكية تستطيع الشركة المزودة للكهرباء مثلا، تقليل أسعار الكهرباء خارج أوقات الذروة وزيادتها في أوقات الذروة، وتغيير تعريفة الاستهلاك حسب فصول السنة. ومن ثم تشجيع المشترك على تقليل استهلاك الكهرباء في أوقات الذروة لتقل فاتورته، ما يعني أن الشركات المنتجة للكهرباء ستقلل إنتاج الكهرباء في أوقات الذروة عما عليه الحال الآن مع العدادات التقليدية. بدوره، يؤدي ذلك إلى تقليل الحاجة إلى محطات جديدة لإنتاج الكهرباء وفي الوقت نفسه تشغيل المحطات الحالية لوقت أطول، ما ينعكس إيجابا على تقليل انخفاض تكلفة الكهرباء عن الشركات المنتجة، وتقدم مثل هذه الميزات لشركات الكهرباء مرونة أكثر للتحكم في إنتاج الكهرباء وتحسين خطط التوسع والتشغيل مستقبلا؛ ومن ثم تقل تكلفة الكهرباء المنتجة من الشركات.
وفيما يتعلق بالمشترك، سيكون لديه تطبيق على هاتفه الذكي مرتبط بالعداد الذكي في منزله، حيث يمكنه من معرفة تفاصيل الاستهلاك للطاقة الكهربائية والتكلفة المستحقة. إذ سيتمكن المشترك من خلال التطبيق من معرفة تاريخ الاستهلاك خلال أي ساعة أو يوم أو أسبوع أو شهر أو عام، ومن ثم معرفة الفترات التي يزداد فيها استهلاك الكهرباء في المنزل، وهذا سيساعده على تقليل الاستهلال وترشيده من خلال تشغيل بعض الأجهزة الكهربائية خارج أوقات الذروة عندما تكون التعرفة أقل؛ وهذا بدوره يسهم في تقليل الفاتورة المستحقة عليه. من جهة أخرى، يمكن للمشترك اختيار فاتورة مسبقة الدفع كما هو الحال مع شركات الاتصالات، وتعبئة الرصيد كلما لزم الأمر، ويمكن للتطبيق أن ينبه المشترك في حال بلغت التكلفة الحد الأعلى الذي حدده لمنزله في أسبوع أو شهر معين أو في حال زاد الاستهلاك عن المعدل في ساعة أو يوم معين.
ومن فوائد العدادات الذكية، أنها تقدم للمشترك الخيار لتركيب الألواح الشمسية فوق سطح منزله، وفي حال زاد إنتاج الكهرباء من الألواح الشمسية عن حاجة المنزل فيمكن للمستهلك تغدية الشبكة الكهربائية؛ ما قد يعود إليه بفائدة مالية.
مستقبلا، يمكن للتطبيق تحديد استهلاك كل جهاز في المنزل، ما يسمح للمشترك ربط تشغيل كل جهاز بالتعرفة ومن ثم تقليل الفاتورة الشهرية. وسيتمكن من خلال التطبيق في التحكم بالأجهزة المنزلية جميعها، ومعرفة كفاءة كل جهاز. ويمكن مستقبلا وباستخدام برنامج مرتبط بالتطبيق على الهاتف الذكي ومرتبط بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل، إنترنت الأشياء، حيث تتواصل الأجهزة المنزلية مع بعضها وتتعلم الأجهزة المنزلية "تعلم الآلة" أفضل أنماط الاستهلاك، فيقوم البرنامج باقتراح نمط للاستهلاك في المنزل لتقليل الفاتورة الشهرية. وقد أشرت إلى ذلك بالتفصيل في مقالي السابق. فيما يتعلق بالمعلومات التي سيتم تناقلها عبر الإنترنت مع التطبيق أو مع شركات الكهرباء، فستكون سرية، لوجود برامج حماية قوية، و مثل هذه المعلومات مرتبطة بالمنزل وليست شخصية، وهي أقل حساسية مقارنة بالمعلومات المتعلقة بالاتصال ودخول الحسابات البنكية مثلا. وفيما يتعلق بنوعية العدادات الذكية التي ستركب في المنازل فهي نسخة مطورة وحديثة تلافت المشكلات التي كانت في النسخ الأولية التي استخدمت قبل أعوام عدة في بعض الدول. وبطبيعة الحال، فإن أي تقنية جديدة قد تواجه تحديات محدودة في البداية، لكنها مع حسن التنفيذ سيتم تلافيها لاحقا.
وستسهم العدادات الذكية في إيجاد سوق جديدة للطاقة ومن ثم سيكون لها أثر اقتصادي إيجابي، وبذلك ستؤثر إيجابيا في سلوكنا في التعامل مع الأجهزة المستهلكة للطاقة ومن ثم ستسهم في تقليل استهلاك الطاقة في المنزل. وسنرى مستقبلا تطبيقا واحدا في الهواتف الذكية يشتمل على مصادر الاستهلاك جميعها مثل، الكهرباء والماء والغاز والهواتف والإنترنت وبعض المشتريات، وسيعطيك تصورا كاملا عن أنماط الاستهلاك جميعها لديك، فمثل هذه التغيرات المرتبطة بإيجاد أسواق جديدة قادمة ومتجددة، ولها أثار اقتصادية واجتماعية وتشريعية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي