تطوير الصناعة و«رؤية 2030» وفرص الاستثمار
تطوير الصناعة وازدهارها وغرس الثقافة الصناعية لدى المجتمع تعد من أهم الركائز الأساسية لبناء اقتصاد منافس وتنمية مستدامة. ولا شك أن "رؤية 2030" تدعم بناء الإنسان من خلال تحسين مخرجات التعليم وتطوير القدرات وصحة المواطن، وتسعى إلى إيجاد بنية تحتية محفزة؛ تسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمملكة. ويشتمل برنامج التحول الوطني على برامج طموحة تحظى باهتمام بالغ من لدن الحكومة السعودية، ويبرز في مقدمة برامج "رؤية المملكة" برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية NIDLP الذي يحظى بأولوية وطنية، ومن المتوقع أن يسهم في تحقيق نقلة نوعية للصناعة في المملكة، ويركز البرنامج على أربعة قطاعات رئيسة، هي الصناعة، التعدين، الطاقة، والخدمات اللوجيستية، ويتضمن عديدا من المبادرات والممكنات مثل التمكين المالي "القروض"، توفير المناطق الصناعية الخاصة، السياسات واللوائح والمعايير، دعم الثورة الصناعية الرابعة، إضافة إلى دعم التصدير والحوكمة، دعم البحث والابتكار، ودعم المؤسسات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج يحقق 11 هدفا مباشرا من 96 هدفا من أهداف "رؤية 2030"، ويتضمن أكثر من 300 مبادرة نوعية.
وتهدف استراتيجية هذا البرنامج إلى بناء منظومة تصنيع مستدامة وتنافسية ومتنوعة تعتمد على القطاع الخاص، بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني والمواطنين، من خلال: (1) تطوير الصناعات الواعدة مثل صناعة السيارات، والصناعات الدوائية، والمستلزمات الطبية وغيرها. (2) توطين الصناعات العسكرية. (3) توسيع نطاق الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز. (4) تطوير الصناعات الغذائية. (5) زيادة نسبة المحتوى المحلي في القطاع الصناعي. (6) الاستزراع المائي.
ومن اللافت استشعار "رؤية 2030" والبرامج والمبادرات المنبثقة منها لأهمية البحث والابتكار، ودعمه في القطاعات كافة، وكذلك تذليل العقبات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت"، التي تقدم عديدا من خدمات الدعم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بمهنية عالية. ومن بواكير تحقيق أهداف هذا البرنامج إعلان الهيئة العامة للصناعات العسكرية قبل شهور عن إطلاق برنامج تراخيص مزاولة أنشطة الصناعات العسكرية في المملكة، ضمن استراتيجية توطين الصناعات العسكرية التي يسعى إلى تحقيقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومنح أكثر من خمسة تصاريح للشركات المؤهلة للاستثمار في هذا القطاع الحيوي المهم، الذي سيسهم في بناء ثقافة صناعية، وغرس فكر صناعي، لدى المجتمع السعودي، إضافة إلى تطوير قدرات الشباب لممارسة الصناعة، وتوفير فرص عمل للشباب، ورفع تنافسية الاقتصاد السعودي، إضافة إلى تعزيز الأمن الوطني.
ومن اللافت أن برنامج "تطوير الصناعة والخدمات اللوجيستية" يوفر عديدا من فرص الاستثمار النوعية ذات التنافسية العالية محليا وإقليميا ودوليا، التي لم يتنبه إليها رجال الأعمال والمستثمرون، ربما ظنا منهم بوجود بعض العوائق الإجرائية التي تعرقل تبني مبادرات نوعية، لكن الأمر ليس كذلك! فيتضح -بحمد الله- أن هذا البرنامج الطموح يتضمن عديدا من التسهيلات، والممكنات، والحوافز من جهة، ويدعم موضوعات حيوية ومهمة وذات أولوية وطنية من جهة أخرى، لأهميتها في رفع تنافسية الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية المستدامة في بلادنا، ومنها الطاقة المتجددة، خاصة الشمسية، تحلية مياه البحر، للفقر المائي الذي تعانيه الدول الصحراوية، تطوير التقنيات الزراعية وتحسين المحاصيل الصحراوية، وأخيرا دعم البحث والابتكار التقني من أجل تحسين الإنتاجية والحفاظ على تنافسية عالية.
بناء على ما سبق، أعتقد أن هذا البرنامج الوطني الطموح يتطلب تسويقا قويا، فهو في حاجة إلى حملة إعلامية قوية، تبرز أهدافه ومبادراته والممكنات التي تضمنها، ليس للمواطنين فقط، بل لرجال الأعمال والمستثمرين. لذلك أقترح تأسيس هيئة خاصة ترعى هذا البرنامج على الأقل في الأعوام الأولى.