Author

السعودية في المسار الصحيح للاقتصاد الرقمي

|


حمى الاقتصاد الرقمي تتصاعد بشكل لافت في العالم، وهناك اليوم حرب تجارية قائمة من أجل السيطرة على مستقبل هذا الاقتصاد والفوز بنصيب الأسد فيه، فالصين تعمل جاهدة لتتصدر سباق السيطرة على تكنولوجيات الجيل الخامس التي بدورها ستوجه مسار الاقتصاد الرقمي في العالم وتوجه الثروة فيه وأيضا ستكون المسيطرة على أي تطورات لاحقة في الجيل السادس إذا توافرت، في المقابل تعمل الولايات المتحدة على تثبيط سرعة التنين الصيني في هذا الحقل وإن كانت الأدوات التي تستخدمها تؤثر بشكل ملحوظ في الاقتصاد العالمي في وضعه الراهن، لكن الولايات المتحدة قد تخاطر بهذا الوضع مقابل عدم خروجها من الأسواق في المستقبل.
وفي مسار مختلف تحاول أوروبا أن تحافظ على التوازن بين جميع الأطراف فلا تسمح للصين بأن تمتلك كل هذه القوة الاقتصادية المرعبة في المستقبل، ولا هي تريد أيضا أن تخوض حربا تجارية قد تكون تكلفتها باهظة من تأثر الهياكل الصناعية والمالية فيها وصعوبة إجراء الإصلاحات، هذه الأجواء المشحونة ليست من فراغ فتقارير الأمم المتحدة تظهر أن قيمة التجارة الإلكترونية العالمية تقدر بنحو أربعة تريليونات دولار عالميا وهي تنمو بمعدل 22 في المائة كما أن هناك نحو 1.3 مليار شخص، أو ربع سكان العالم ممن تبلغ أعمارهم 15 عاما فما فوق، يمارسون التسوق عبر الإنترنت، بزيادة 12 في المائة سنويا، ويصنف مؤشر «أونكتاد» درجة استعداد 152 بلدا للانخراط في التجارة عبر الإنترنت، وإمكانات كل بلد للوصول إلى خوادم الإنترنت الآمنة، وموثوقية الخدمات البريدية وبنيته التحتية، ونسبة سكانه الذين يستخدمون الإنترنت، ونسبة الأفراد الذين لديهم حسابات لدى مؤسسة مالية أو مزودين بخدمة الدفع المتنقل للأموال عبر الهاتف النقال على سبيل المثال.
في هذه الأجواء الممتلئة بالقلق والمفعمة بالتحدي والمنافسة تجد السعودية تعمل في هدوء من أجل أن يكون لها موطئ قدم صلب في هذا الاقتصاد الجديد على أن تحافظ على علاقات بنائية جيدة مع كل الأطراف، وفي هذا المسار اتخذت المملكة خطوات جريئة من أهمها تطوير منظومة التشريعات التي تختص بالتجارة الإلكترونية، وتطوير الشبكات نحو الجيل الخامس بشراكة متعددة الأطراف، ووضع مبادرات قوية في هذا المجال لعل أهمها على الإطلاق هو تبني محور الاقتصاد الرقمي ومعايير ذلك الاقتصاد والمنافسة العادلة والآمنة فيه على طاولة اجتماعات قمة الدول العشرين.
كما نقرأ تقارير تبشر بالخير نحو نمو الاقتصاد الرقمي في المملكة بوتيرة متصاعدة فقد نشرت "الاقتصادية" قبل أيام خبرا عن تقدم المملكة ثلاث مراتب إضافية في مؤشر منظمة الأمم المتحدة للتجارة الإلكترونية، متقدمة من المرتبة الـ52 في 2018 إلى المرتبة الـ49 هذا العام وقد تجاوزت في ذلك دولا مثل أوكرانيا في سلم المؤشر لتأخذ الموقع القديم للسعودية.
وحققت السعودية مرتبة عالية في معيار نسبة سكانها الذين يستخدمون الإنترنت (93 في المائة)، وهو ما يعادل المركز الـ13 في العالم. وحققت 81 نقطة من 100 في معيار موثوقية الخدمات البريدية وبنيته التحتية، وهو ما يعادل المركز الـ38 عالميا، ونسبة 72 في المائة من السكان ممن يملكون حسابات لدى مؤسسة مالية أو مزودين بخدمة الدفع المتنقل للأموال عبر الهاتف النقال، وهو ما يعادل المرتبة الـ57 عالميا. وهكذا فنحن في المسار الصحيح لكن بقي أمامنا كثير من العمل حتى نؤكد وجودنا في هذا الاقتصاد الضخم المقبل بقوة.

إنشرها