بطء النمو العالمي يدعو إلى سياسات داعمة «2 من 2»

في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، أصبحت الأوضاع المالية أكثر يسرا بعد اعتماد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي موقفا أكثر تيسيرا على مستوى السياسة النقدية. وقد استفادت اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية من التيسير النقدي في الاقتصادات الرئيسة لكنها واجهت أيضا تقلبا في درجة الإقبال على المخاطرة في ظل التوترات التجارية. وعلى أساس صاف، لا تزال الأوضاع المالية في هذه المجموعة من البلدان دون تغيير يذكر عما كانت عليه في شهر نيسان (أبريل). أما البلدان النامية منخفضة الدخل التي كانت تتلقى تدفقات استثمار أجنبي مباشر مستقرة في معظمها، فقد أصبحت تتلقى تدفقات حافظة متقلبة إلى حد كبير بعد أن أصبحت الأسواق الواعدة مقصدا لمساعي البحث عن عائد أكبر في بيئة من أسعار الفائدة المنخفضة.

زيادة مخاطر التطورات السلبية
لا يزال تصاعد التوترات على صعيدي التجارة والتكنولوجيا من أكبر المخاطر السلبية التي تتعرض لها الآفاق المتوقعة التي يمكن أن تحدث اضطرابا كبيرا في سلاسل العرض العالمية. فالأثر المجمع للتعريفات الجمركية المفروضة في العام الماضي والتعريفات المحتملة المعلنة في أيار (مايو) الماضي بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يخفض مستوى إجمالي الناتج المحلي العالمي في عام 2020 بنسبة 0.5 في المائة. وعلاوة على ذلك، فإن تفاقم المزاج المالي بشكل غير متوقع ومستمر يمكن أن يكشف عن مواطن ضعف مالية تراكمت عبر سنوات من أسعار الفائدة المنخفضة، بينما يمكن أن يؤدي ظهور ضغوط مضادة للتضخم إلى صعوبة خدمة الدين بالنسبة للمقترضين. ومن المخاطر الكبيرة الأخرى احتمال حدوث تباطؤ غير متوقع في الصين، وعدم تعافي منطقة اليورو، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وتصاعد التوترات الجغرافية ــ السياسية.
ومع ضعف النمو العالمي وهيمنة مخاطر التطورات السلبية على الآفاق المتوقعة، يظل الاقتصاد العالمي في مرحلة حرجة. ولذلك فمن الضروري عدم استخدام التعريفات الجمركية لاستهداف الموازين التجارية الثنائية أو كأداة لأغراض عامة يتم استخدامها لمعالجة خلافات دولية. وللمساعدة على تسوية الخلافات، ينبغي تقوية وتحديث النظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد حتى يغطي مجالات مثل الخدمات الرقمية، والدعم، ونقل التكنولوجيا.

سياسات دعم النمو
ينبغي أن تظل السياسة النقدية تيسيرية، خاصة حيثما كان التضخم يتجه إلى الانخفاض عن المستوى المستهدف. لكن هذا يجب أن يقترن بسياسات تجارية سليمة من شأنها تحسين الآفاق المتوقعة وتخفيض مخاطر التطورات السلبية. ومع استمرار أسعار الفائدة المنخفضة، ينبغي نشر أدوات السلامة الاحترازية الكلية لضمان عدم تراكم المخاطر المالية. وينبغي أن توازن سياسة المالية العامة بين قضايا النمو والمساواة والاستدامة، بما في ذلك حماية الأقل دخلا في المجتمع. وينبغي للبلدان ذات الحيز المالي أن تستثمر في البنية التحتية المادية والاجتماعية لزيادة النمو الممكن. وحال حدوث هبوط اقتصادي حاد، ينبغي تكميل التيسير النقدي بتحرك متزامن نحو مزيد من التيسير لسياسات المالية العامة، وذلك حسب ظروف كل بلد على حدة. وأخيرا، فإن الحاجة إلى توثيق التعاون العالمي تزداد إلحاحا كل يوم. فإلى جانب تسوية التوترات في مجالي التجارة والتكنولوجيا، ينبغي أن تعمل البلدان معا لمعالجة قضايا أساسية مثل تغير المناخ، والضرائب الدولية، والفساد، والأمن الإلكتروني، والفرص والتحديات المصاحبة للتكنولوجيات الحديثة في مجال المدفوعات الرقمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي