التكنولوجيا ومستقبل الشركات «2 من 2»

تعني مساعدة التنفيذيين على التأقلم تقديم الدعم ومساعدتهم على رؤية مختلفة بدلا من رؤية الأشياء السلبية فقط. وكمثال على ذلك، هناك ميشيل الملقبة بـ"الدماغ"، التي تعمل في شركة استشارات فرنسية، كان لديها اعتقاد قبل تقديم المساعدة لها، بأنها ليست في حاجة إلى الآخرين، فهي شخصية جدية وانطوائية ونادرا ما تضحك. وكانت على وشك تولي أحد أهم المناصب القيادية، ولكن حتى ذلك الوقت، كانت لا تزال تتصرف بصورة انطوائية. طلب منها المدرب الذي عمل معها، أن تخبره بعدد الأشخاص الذين تأثروا بسلوكها، وكان جوابها سبعة أشخاص، ولكن عندما شرح لها المدرب مستخدما جميع أساليب الإيضاح، أن أكثر من 50 شخصا من أصحاب المصلحة يتأثرون بتصرفاتها في كل مرة، شعرت ميشيل بالصدمة، ولكنها كانت حريصة على أن تبحث عن حلول.
كان مديرو ميشيل وفريقها على استعداد ليقوموا بدورهم في هذه المرحلة، واستطاع مدربها النجاح في إيجاد الأدوات التقنية اللازمة للعمل معها. على سبيل المثال، تحب ميشيل استخدام أدوات القياس النفسي، وتجدها طريقة علمية جيدة، كما أنها تستخدم هذا الأسلوب مع الأشخاص المحيطين بها وليس فقط مع نفسها. وباستمرار الدعم، أحرزت ميشيل تقدما في عملها، وأصبحت قادرة على ممارسة أسلوبها الجديد في التواصل، من خلال مشاركة زميل لها شغفها برياضة التنس. رغم عدم اقتناعها بهذا الأسلوب، إلا أنه عندما تم تنبيهها إلى صعوبة إقامة علاقات مع الآخرين في حال رفضت التغيير، تقبلت ميشيل ذلك وانتقلت إلى مواجهة تحد أكبر.
في غضون أسابيع، كان لدى ميشيل اجتماع مهم تديره، وكانت مثل هذه الاجتماعات مرهقة ومملة بالنسبة لها في السابق، وتفتقر إلى العلاقات الاجتماعية، ولكن هذه المرة أرغمت نفسها على تحضير عشاء لجميع المشاركين والانضمام إليهم أيضا. وكان هذا أبعد ما يكون عن شخصيتها، ولكنها لاقت التقدير من قبل المجموعة بأكملها، واستطاعت رؤية امتنانهم لها وروح الفريق، على الرغم من أنها لم تستمتع به. وأعربت ميشيل عن حزنها مع اقتراب انتهاء التدريب، واعترفت بأنها تعلمت أخيرا مساعدة فريقها على مساعدة أنفسهم، بدلا من السيطرة عليهم، وشعرت كذلك بدعم إدارة الشركة لها.
فالجهود التي تركز على "مشكلة التأقلم" تؤدي دورا قويا في تقديم الدعم، ومن الضروري مشاركة الجميع في عملية التغيير، وزيادة الوعي الذاتي، وانتهاج أسلوب جديد له تأثير كبير، ومن الجيد سماع آراء الآخرين بها، كما صرح جان بعد مرور عام بأنه أصبحت لديه ثقة أكبر تجاه ما يجب عليه القيام به لقيادة فريقه، وأكثر جاهزية في التعامل مع السلوك الصعب".
إذا تحتم علينا التعامل مع الأشخاص المهووسين بالتكنولوجيا بشكل أكبر سواء في العمل أو في حياتنا اليومية، فكيف سيكون بمقدورنا تنمية تفكيرنا وتصرفاتنا في سبيل تحقيق الاستفادة القصوى من ذلك؟ يكون من خلال رؤيتنا أولا للقيمة التي يحققها هذا التنوع، فهذه النوعية من العقليات تعتبر ظاهرة فريدة، ونحث الشركات والأفراد على أن يأخذوا في الحسبان القيمة التي يجلبها مثل هؤلاء الأشخاص لمؤسساتهم. فهم بارعون من الناحية التقنية، ولكنهم انعزاليون، وكذلك على استعداد للقيام بالمهام التي تتطلب كثيرا من التركيز، كما أنهم فضولويون ومحبو استطلاع ينتهجون الأسلوب العلمي في طريقة عملهم؛ لذا سيكون بإمكاننا تحقيق نتائج أفضل إذا ما فهمنا طبيعة الأشخاص الذين نتعامل معهم. ونعتقد أن ما بين 15 و20 في المائة من المديرين والقياديين في عديد من المنظمات تنطبق عليهم مواصفات "الشخص المهووس"، وتقترح دراسة لكورن فيري، أن مساعدتهم على رفع مستوى وعيهم الذاتي، سيكون بمنزلة دافع لهم نحو تحقيق أداء أفضل، والمساهمة في إحداث تغيير جذري وتحقيق النجاح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي