الجماعات الآشولية استوطنت الدوادمي قبل 200 ألف عام

الجماعات الآشولية استوطنت الدوادمي قبل 200 ألف عام

كشفت تقارير علمية، أن الجماعات الآشولية استوطنت موقع صفاقة الأثري في الدوادمي قبل 200 ألف عام، حيث تعد "الآشولية" أطول الفترات الحضارية التي عرفتها الجماعات البشرية.
وأثبتت التقارير أهمية موقع صفاقة الأثري في محافظة الدوادمي ووجود دلالات للجماعات الآشولية؛ وهو ما يعد دليلا على أحدث المواقع الآشولية في جنوب غرب آسيا.
ونشرت مجلة الطبيعة Nature Scientific Reports في عددها الصادر أمس عن دراسة حديثة تتناول انتشار الجماعات الآشولية في الجزيرة العربية، ضمن مشروع "الجزيرة العربية الخضراء" الذي تنفذه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالشراكة مع معهد ماكس بلانك الإلماني، وجامعة أكسفورد البريطانية، وهيئة المساحة الجيولوجية، وجامعة الملك سعود في الرياض.
وركزت الدراسة التي بدأت في سنة 2014م على إعادة تقييم الموقع الأثري وطبقاته الأثرية باستخدام تقنيات حديثة من قبل خبراء في دراسات ما قبل التاريخ والبيئة القديمة.
وكشفت النتائج تنوعا في سلوك الإنسان في العالم القديم وما واجه أسلافه من عوائق في الطبيعة أثناء هجرتهم من إفريقيا وانتشارهم خارجها.
وأشارت الدراسة إلى أن هذه الدراسة تعد الأولى من نوعها لتأريخ موقع يعود للحضارة الآشولية باستخدام طرق التأريخ العلمية.
يذكر أن بعض الدراسات الحديثة التي تعتمد على المكتشفات الأثرية ترجح أن بداية الإنسان كانت في جنوب غرب آسيا. ووفقا للدراسة فقد تميز الموقع بوجود صناعة حجرية متقدمة، اشتملت على الفؤوس الحجرية والشظايا الكبيرة، كما هو معروف في قارة إفريقيا، وفي ظل ظروف مناخية معتدلة.
وكانت أولى الدراسات العلمية التي تمت في موقع صفاقة، في الثمانينيات الميلادية تحت إشراف إدارة الآثار والمتاحف آنذاك، وقام بها البروفيسور نورمان ويلن من جامعة ولاية تكساس الأمريكية وعدد من الباحثين السعوديين والعرب، بمشاركة علمية من قسم الآثار في جامعة الملك سعود، ممثلة بالدكتور غانم وحيدة.
وتم خلالها تحديد عمر الأدوات الحجرية في الموقع لحدود 200 ألف سنة مضت، من خلال التأريخ بواسطة "اليورانيوم ثوريوم"، التي لم تكن دقيقة بشكل كاف، تبعا للإمكانات العلمية المتوافرة آنذاك.
وأظهرت الدراسات المناخية للجزيرة العربية وجود مناخ مطير في منطقة وسط الجزيرة العربية من 190 - 240 ألف سنة مضت وكذلك 75 - 130 ألف سنة مضت.
وأدى هذا إلى وجود شبكات متعددة من الأنهار والأودية وكثافة نباتية أسهمت في تحسين الظروف المعيشية للجماعات البشرية، التي جعلت موقع صفاقة أكبر موقع آشولي في الجزيرة العربية، خاصة أنه يقع في نقطة اتصال بين روافد وادي الباطن ووادي السهباء.
وأظهرت هذه الدراسة احتواء موقع صفاقة على سبع طبقات أثرية، احتوى بعضها على أدوات حجرية آشولية مصنوعة من أحجار الاندسايت والرايوليت، واحتوت إحدى الطبقات على أدوات حجرية موجودة في مكانها الأصلي، ولم تتأثر بعوامل التعرية الطبيعية.
وأكدت التقارير أن التشابه في صفات الأدوات الحجرية بين موقع صفاقة وعدد من المواقع الآشولية غير المؤرخة في الجزيرة العربية يشير إلى وجودها في فترة زمنية متقاربة، وتحديدا موقعي وادي فاطمة وجبة.
وأظهرت الدراسة المقارنة وجود تشابه كبير بين الصناعة الحجرية في موقع صفاقة مع مواقع آشولية متأخرة في إثيوبيا في شرق إفريقيا، على عكس المواقع الآشولية في منطقة بلاد الشام.
كما أبرزت الدراسة العلمية للفريق البحثي احتمال وجود اتصال حضاري بين الجماعات البشرية في العصر الآشولي في صفاقة مع جماعات العصر الحجري القديم الأوسط.
ويشير الدكتور عبد الله بن محمد الشارخ رئيس الفريق العلمي السعودي في المشروع وعضو هيئة التدريس في قسم الآثار في جامعة الملك سعود، أن المملكة تزخر بمئات المواقع في فترة ما قبل التاريخ التي يمكن أن تمدنا بمعلومات قيمة عن وجود الجماعات البشرية وكيفية تأقلمها مع الظروف المناخية السائدة، والاستفادة من الموارد الطبيعية المتوافرة في بيئتها.
كما يقدر الفريق العلمي لمشروع الجزيرة العربية الخضراء الدعم والتوجيه من رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، الذي سبقت له زيارة الموقع والاطلاع على دلالاته الأثرية المهمة.

الأكثر قراءة