اجتماع «أبوظبي» يركز على تقييم السوق ووقف تدهور أسعار النفط

اجتماع «أبوظبي» يركز على تقييم السوق ووقف تدهور أسعار النفط

أكد تقرير "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية أن منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفاءها بقيادة روسيا أجروا عملية تقييم دقيقة لاتفاق تخفيضات الإنتاج، بهدف التركيز على وقف التراجع الحاد الحالي في أسعار النفط، وذلك ضمن أعمال الاجتماع الوزاري الحادي عشر للجنة مراقبة الإنتاج فى أبوظبي أمس.
وقال التقرير الدولي "إن وزيري الطاقة السعودي خالد الفالح والروسي ألكسندر نوفاك قادا اجتماع لجنة الرصد الرئيسية في أبوظبي، حيث جاءت سياسة الإنتاج على رأس جدول أعمال اجتماع اللجنة الوزارية".
وأشار التقرير إلى أن مباحثات الوزراء في دول الإنتاج في أبوظبي تجيء في توقيت دقيق بسبب عدد من المتغيرات المهمة في مقدمتها ارتفاع إنتاج النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة والإعفاءات الممنوحة لثمانية من عملاء النفط الإيراني، وهو الأمر الذي ساعد على دفع خام برنت إلى ما دون مستوى 70 دولارا للبرميل.
وسلط التقرير الضوء على قول أحد المندوبين لدى "أوبك" عقب اجتماع للجنة الفنية السابقة للاجتماع الوزاري "نحن قلقون بشأن وضع السوق والاقتصاد العالمي والطلب والعرض".
ولفت تقرير "بلاتس" إلى قيام دول "أوبك" وعشرة من الشركاء من خارج "أوبك" بقيادة روسيا بتعزيز الإنتاج منذ الموافقة على ذلك في حزيران (يونيو) الماضي لزيادة الإمدادات بواقع مليون برميل يوميا من مستويات أيار (مايو) لتعويض خسائر كانت متوقعة من إيران التي تضررت بفرض عقوبات وفنزويلا المتوترة اقتصاديا.
وأضاف أن "الوضع في السوق تبدل عكسيا على نحو واسع حيث شهدنا في الشهر الماضي تراجع الأسعار وضعف ظروف السوق، ما أبرز الحاجة إلى كبح جماح الإنتاج مرة أخرى وجعل هذا الأمر يتصدر جدول أعمال المجموعة خلال اجتماع أبوظبي".
ونوه التقرير بقول محللين نقلا عن مصادر في منظمة أوبك إن اللجنة الوزارية على الأرجح ستدعم التوجه نحو خفض الإنتاج وليس زيادته، على أن يقر ذلك في الاجتماع الوزاري الموسع لدول "أوبك" في فيينا في 6 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
ولفت إلى قول مندوب آخر في "أوبك" "إن السوق تغيرت كثيرا في فترة قصيرة من الزمن"، مشيرا إلى ارتفاع إنتاج "أوبك" بنحو 82 ألف برميل يوميا منذ أيار (مايو) الماضي، كما سجلت روسيا أعلى مستويات الإنتاج على الإطلاق في الشهر الماضي، حيث بلغت 41.11 مليون برميل يوميا بزيادة 44 ألف برميل مقارنة بمايو الماضي.
وأضاف التقرير أن "ذلك يأتي في الوقت الذي قدرت فيه إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن الإنتاج الأمريكي قد وصل إلى مستوى قياسي بلغ 11.4 مليون برميل يوميا في الشهر الماضي" مرجحا أن يستمر انخفاض الأسعار ما لم توافق "أوبك" وشركاؤها على خفض الإنتاج.
ونوه التقرير بأن لجنة الرصد الوزارية تضم وزراء الطاقة في السعودية وروسيا والكويت وفنزويلا والجزائر وسلطنة عمان، ويستضيف الاجتماع سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي الذي يتولى الرئاسة الدورية لمنظمة أوبك هذا العام.
وفي سياق متصل، توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات الأسعار خلال الأسبوع الجاري بعد أن انخفضت الأسعار في ختام الأسبوع الماضي بنسبة 1 في المائة نتيجة وفرة المعروض في الأسواق وتوقعات تباطؤ النمو الاقتصادي وانكماش في الطلب مع بداية العام المقبل.
وأشار المحللون إلى أن اجتماع المنتجين في أبوظبي يعطي تعزيزا للثقة بالسوق في ضوء تضامن المنتجين ورغبتهم في تفادي أي أثر سلبي لعقوبات إيران على السوق مع احتمال العدول عن الاستمرار في إجراء زيادات إنتاجية تدريجية مؤثرة.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدي لمجموعة "كيو إتش أي" لخدمات الطاقة، "إن أنظار السوق تتجه إلى اجتماع "أوبك" في أبوظبي الذي من المتوقع أن يسهم في تعزيز الاستقرار في السوق من خلال الاستمرار في تعديل مستويات الإنتاج مع اقتراب مستوى مطابقة المنتجين من نسبة 100 في المائة".
وأشار كيندي إلى أن الأسعار تخوض موجة تراجعات على مدار أكثر من عشرة أيام ومن المتوقع أن تستمر التقلبات السعرية في الأسبوع الجاري، لافتا إلى أن حالة وفرة الإمدادات تطغى على السوق خاصة مع إعلان الولايات المتحدة عن منح إعفاءات من حظر شراء النفط الإيراني لثماني دول من كبار مستهلكي النفط الخام في العالم.
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، "إن خفض الإنتاج في العام المقبل يعد من القضايا المطروحة على أجندة عمل "أوبك" خاصة مع صدور مؤشرات عن عودة تخمة المعروض"، موضحا أن إعلان التعاون بين المنتجين في "أوبك" وخارجها وفر آلية قوية للتدخل في السوق لضبط العلاقة بين العرض والطلب بما يدعم الاستقرار في السوق.
وأوضح جيراس أن الإعفاءات الأمريكية لمشتري النفط الإيراني امتصت كثيرا من تأثير العقوبات التي بدأ تطبيقها على إيران في الخامس من الشهر الجاري، مشيرا إلى وجود شكوك حاليا في مستويات الطلب بينما نجد في المقابل كلا من الإنتاج في روسيا والولايات المتحدة و"أوبك" عند مستويات قياسية.
من ناحيتها، تقول لـ "الاقتصادية"، نينيا أنيجبوجو المحللة الروسية ومختص التحكيم، "إن روسيا حريصة على توطيد أطر التعاون مع منظمة أوبك وهو ما سيتضح بشكل أكبر خلال الاجتماع الموسع للمنتجين في فيينا خلال الشهر المقبل مع توقع الإعلان عن اتفاق أوسع بين دول "أوبك" وخارجها، منوهة باستمرار تقلبات الأسعار لغياب حالة عدم اليقين في السوق حتى الآن.
وتضيف أنيجبوجو أن "احتمال العودة إلى خفض الإنتاج ليس مستبعدا"، بحسب تقديرات "أوبك"، مؤكدة أن اجتماع أبوظبي سيحدد رؤية تعامل المنتجين مع المتغيرات في السوق عقب بدء تطبيق العقوبات على ايران وعودة كبار المنتجين لضخ إمدادات نفطية بطاقات كبيرة وبوتيرة سريعة قد تستنزف كثيرا من الطاقات الاحتياطية في حال الاستمرار بنفس المعدلات الراهنة.
وكانت أسعار النفط قد انخفضت نحو 1 في المائة في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، مع ارتفاع المعروض العالمي وتخوف المستثمرين من أن يتباطأ الطلب على النفط، وسجل الخام الأمريكي أطول موجة من الخسائر اليومية منذ عام 1984.
وبحسب "رويترز"، نزل خام القياس العالمي مزيج برنت عن 70 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ أوائل نيسان (أبريل)، وهبط نحو 20 في المائة منذ وصوله لأعلى مستوى في أربع سنوات في بداية تشرين الأول (أكتوبر).
وتراجعت عقود برنت 47 سنتا أو 0.7 في المائة لتبلغ عند التسوية 70.18 دولار للبرميل، وانخفض الخام نحو 3.6 في المائة على مدى الأسبوع وأكثر من 15 في المائة هذا الربع.
وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي لليوم العاشر على التوالي، في أطول موجة خسائر من نوعها منذ تموز (يوليو) 1984، وفقا لبيانات "رفينيتيف".
وهبطت عقود الخام الأمريكي 48 سنتا أو 0.8 في المائة لتنهي الجلسة عند 60.19 دولار للبرميل، بعدما نزلت عن 60 دولارا للبرميل إلى أدنى مستوى في ثمانية أشهر.
وكانت عقود الخام الأمريكي قد بلغت 59.26 دولار للأوقية، بما يمثل انخفاضا قدره 1.14 دولار ويقل أكثر من 22 في المائة عن مستوى الذروة التي بلغتها في تشرين الأول (أكتوبر).
وأضافت شركات الطاقة الأمريكية منصات حفر نفطية للمرة الرابعة في الأسابيع الخمسة الماضية، ليظل عدد الحفارات عند أعلى مستوياته في أكثر من ثلاث سنوات، رغم هبوط العقود الآجلة للخام.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن شركات الحفر أضافت 12 حفارا نفطيا في الأسبوع الماضي ليصل العدد الإجمالي إلى 886 حفارا، وهو أعلى مستوى منذ آذار (مارس) 2015".
وهذه هي أكبر زيادة أسبوعية منذ أواخر أيار (مايو) عندما ارتفع عدد منصات الحفر بواقع 15 منصة.
وعدد الحفارات النفطية النشطة في الولايات المتحدة، وهو مؤشر أولي على الإنتاج في المستقبل، أعلى من مستواه قبل عام عندما بلغ 738، مع قيام شركات الطاقة بزيادة الإنتاج للاستفادة من صعود الأسعار في 2018.
ومنذ بداية العام، بلغ متوسط إجمالي عدد حفارات النفط والغاز النشطة في الولايات المتحدة 1025، وهو ما يضعه في مسار لأن يكون الأعلى منذ عام 2014 عندما سجل متوسطا بلغ 1862 حفارا، وتنتج معظم الحفارات النفط والغاز كليهما.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي أن يرتفع متوسط الإنتاج السنوي الأمريكي إلى مستوى قياسي يبلغ 10.9 مليون برميل يوميا في 2018 وإلى 12.1 مليون برميل يوميا في 2019، من 9.4 مليون برميل يوميا في 2017.

الأكثر قراءة