هل تصبح زراعة الطماطم في المنزل جزءا من المستقبل
إنها نظرة إلى مستقبل بعيد جدا تزرع فيه الطماطم والفراولة والخس في طبقات متعددة موجودة في صوبات عملاقة وفوق نباتات القنب التي تستخدم لأغراض طبية.
لا تتصل جذور هذه النباتات بالتربة بل بحصيرة بلاستيكية قابلة للاستخدام أكثر من مرة.
هناك حساسات تراقب عملية النمو. يتم تجميع المياه التي لم تستهلك واستخدامها مرة أخرى، وكذلك السماد.
لا يصل شعاع شمس لهذه الغرف، بل ملايين من مصابيح الليد.
أصبحت مثل هذه الأشكال في زراعة الفاكهة والنباتات واقعا بالفعل اليوم وإن كانت بمقياس رسم أصغر.
تنمو النباتات فيما يعرف بالزراعة الرأسية في ارتفاعات مختلفة وبإضاءات يتم تكييفها وفقا لحاجة النبات.
وبذلك يمكن زيادة المحصول مع توفير المساحة المزروعة وترشيد الطاقة و ضمان أن يكون المحصول طازجا حتى يصل للمائدة.
الضوء هو الذي يلعب الدور الحاسم هنا.
هذا هو ما أدركه القطاع الصناعي حيث أصبح هذا المجال سوقا مربحا بالمليارات.
عن ذلك يقول تيمو بونجارتس، رئيس قطاع الزراعة الذكية لدى شركة أوسرام العملاقة للصناعات الضوئية: "لازلنا في البداية إلى حد ما".
خصصت الشركة حتى الآن ما يصل إلى 200 موظف لهذا الموضوع.
يتوقع محللو شركة نافيجانت لأبحاث السوق أن تقفز قيمة الاستثمارات في سوق لمبات الليد للتطبيقات الزراعية خلال السنوات المقبلة من نحو 800 مليون يورو في الوقت الحالي إلى نحو 7ر3 مليار يورو عام .2027
وحسب تقديرات الشركة، فإن الاستثمارات في هذا القطاع ستكسر حاجز المليار في وقت أقصاه عام 2020، وذلك لأن هناك إمكانية هائلة لاستخدام ضوء لمبات الليد في الزراعة والحدائق.
تستطيع هذه اللمبات عبر مجالات ضوئية مختلفة إبطاء عملية نمو النباتات أو تعجيلها والتحكم في مذاق الثمار وحجمها وذلك بدون هندسة وراثية أو كيمياء.
يتحدث بونجارتس عن "روشتات ضوئية" تختلف من نبات لآخر باختلاف الهدف من وراء كل نبات.
لم تعد هناك علاقة كبيرة بين هذه الفكرة والصوبات الزراعية التقليدية، التي توضع فيها الخضروات على الأرض ويتم تسليط الضوء عليها من مكان عال بكشافات كبيرة، بل إن المزارع الرأسية تذكر أكثر بأحد أفلام الخيال العلمي.
ولكي تصبح هذه الزراعة شائعة يوما ما، فإن القطاع الصناعي يعتمد على أناس من أمثال ماكس لوسل.
يقول لوسل البالغ من العمر 29 عاما والذي أسس بالتعاون مع صديقه فيليب فاجنر قبل خمس سنوات شركة "أجريلوتسيون" في ميونخ: "إذا قارنا استخدام لمبات الليد في الزراعة الرأسية مع تطور تقنية الحاسوب، فإننا الآن موجودون في السبعينات من القرن الماضي".
يعكف مؤسسا الشركة و موظفوها البالغ عددهم حاليا 24 موظفا على تطوير وإنتاج مزارع رأسية يستخدمها الأفراد في إنتاج ما يحتاجه مطبخهم.
تبدو هذه المزارع وكأنها ثلاجات صغيرة، وتحتاج أيضا طاقة بحجم ما تحتاجه الثلاجة. يستطيع مشترو هذه المزارع الرأسية استخدامها في زراعة الخس والطماطم و البقدونس، الذي يحتاجونه لمطبخهم وجني المحصول في منازلهم.
تعود مصابيح الليد المستخدمة في هذه الصناديق لشركة أوسرام، التي تساهم في الشركة الناشئة التي أسسها لوسل وصديقه فاجنر.
لذلك، فإن فاجنر و لوسل يجمعا ما يستطيعان من بيانات. بيانات عن: أي ضوء ينتج أي المذاق وما هي المجالات الضوئية التي تساعد في ذلك و ما هي السرعة التي ينمو بها نبات ما وما هو وقت نضوجه ومدى صغر حجم الثمرة أو كبرها، كل هذا هو موضوع بحثهم.
يقول لوسل: "المشكلة في الوقت الحالي هي التكاليف".
ورغم تحسن فعالية لمبات الليد وانخفاض أسعارها في السنوات الماضية إلا أنه من الضروري أن تنخفض هذه الأسعار كثيرا ،وأن تصبح هذه المصابيح أكثر فعالية حتى تصبح الزراعة الرأسية أوسع انتشارا وأجدى في المستقبل.
لا تركز صناعة الضوء كثيرا على السوق الأوروبية بل العالمية وخاصة الزراعة الرأسية في الولايات المتحدة، وذلك لأن هناك عددا متزايدا من الولايات الأمريكية تسمح بزراعة القنب بشكل قانوني سواء لأغراض طبية أو لأغراض الاستمتاع.
وأوضح بونجارتس من شركة أوسرام أن "زهور القنب تحتوي على الكثير من المواد التي يمكن التأثير عليها بالضوء" مضيفا: "نستطيع ،من خلال التناغم بين عوامل بيئية أخرى مثل درجة الحرارة و رطوبة الهواء وثاني أكسيد الكربون، التحكم في نمو النبات بشكل نموذجي".
ربما استطاع الكثيرون ممن يعتبرون أنفسهم هواة في مجال البستنة جمع الكثير من الخبرة بالفعل في هذا المجال.
يستخدم نبات القنب في أوروبا لأغراض طبية أيضا، وبدأ الحديث بشكل واسع بالفعل عن السماح بتداوله بشكل قانوني، مما يعني فرصا واعدة للقطاع الصناعي.