خيرية السقاف .. مشكاة أسرجت سماء الثقافة بقناديل المعرفة
لها في سدانة اللغة العربية وآدابها "القدح المعلى، إذا استبق الرماة إلى القداح"، مشكاة أسرجت سماء الثقافة بقناديل المعرفة، بتلك الكلمات المفعمة بالثناء والتقدير، احتفى الدكتور عبدالرحمن الشبيلي عضو مجلس الشورى السابق، بالدكتورة خيرية السقاف، خلال كلمته في حفل تكريمها في منتدى ثلوثية بامحسون الثقافي في الرياض البارحة الأولى.
زميلة الحرف، هكذا وصف الدكتور الشبيلي الدكتورة السقاف، التي سمقت في ميداني التعليم والثقافة، وحافظت على أخلاقيات الكلمة، وترفعت عن منزلقاتها، حتى توافق المجتمع على احترامها، ورأى فيها أيقونة الرزانة والوقار.
ظلت ثلوثية بامحسون تحاور الدكتورة خيرية السقاف منذ عامين لحلحلة ممانعتها عن التكريم، حتى حظي المنتدى بعد إلحاح بقبولها أن تكون الشخصية الثقافية المكرمة لهذا العام.
وصار من يمن الطالع، أن يهل عليها في هذه الأثناء تاج الأوسمة، الذي يحمل وسم الملك المؤسس واسمه، قلدها إياه قبل ثلاثة أشهر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فكان تكريمها في مهرجان الجنادرية شهادة سامية بالمرتبة الرفيعة.
وما كان لمنتدى ثلوثية بامحسون الثقافي، أن يغار من سبق الآخرين، فالسبق في تكريم الدكتورة خيرية السقاف برهان من الاعتزاز بصواب ترشيح المنتدى لها.
أعاد الدكتور عبدالرحمن الشبيلي إلى أذهان الحضور الذي اكتظت به قاعة الاحتفالية، تاريخ أسرة الدكتورة خيرية السقاف المكية العريقة، وسيرة جدها شيخ السادة ومفتي الشافعية العلامة علوي بن أحمد بن عبدالرحمن السقاف المولود في مكة المكرمة عام 1255هـ، صاحب المصنفات في الفقه والعلوم والفلك، حيث ذكره الزركلي في قاموس الأعلام، ومحمد علي مغربي في أعلام الحجاز.
وذكّر الشبيلي الحضور بجد الدكتورة السقاف لأبيها، قاضي القضاة في مكة المكرمة محمد بن علوي السقاف، وسيرة والدها إبراهيم بن محمد بن علوي السقاف، خاصة جهوده بوصفه ركنا من أركان وزارة المالية والاقتصاد الوطني، وأحد مؤسسي جامعة الملك عبدالعزيز، إضافة إلى أحد أفراد أسرتها عمر السقاف وزير الدولة للشؤون الخارجية، العضد الأيمن للملك فيصل بن عبدالعزيز.
تحدث الدكتور الشبيلي عن مدى سعادته بزمالة الشخصية المكرمة ومجموعة من الرواد والرائدات المثقفات، عبر أربعة عقود، حينما كانت بداية الإعلام تسعى للتحليق في فضاء التطور النوعي في برامج الأسرة والطفل، وترنو لتحقيق الأهداف المثلى في التربية والتثقيف والترفيه. وعدد مناقب الدكتورة السقاف في الكتابة والبحث والتأليف، وتاريخها وحضورها المشرق، ما يجعلها دوما محل حفاوة الوسط الثقافي والجامعي واحترامه، ويكفي أن لها في سدانة اللغة العربية وآدابها "القدح المعلى، إذا استبق الرماة إلى القداح".
لم تختلف كثيرا نهاية كلمة الدكتور الشبيلي عن بدايتها، حيث جاءت خاتمة حديثه مسكا، معبرة عما في خواطر كل من في القاعة عن ريحانة القلوب والغيمة الإنسانة، الدكتورة خيرية السقاف.
بدأ الاحتفال بكلمة لصاحب منتدى ثلوثية بامحسون الثقافي، الدكتور عمر بامحسون، الذي أكد أن تكريم الدكتورة خيرية السقاف تكريم للمرأة السعودية، صاحبة العطاء الفكري الذي عرفت به السعوديات في كتاباتهن ودفاعهن عن الثقافة الإسلامية والقيم العربية النبيلة. وأوضح الدكتور بامحسون، أن تكريم الدكتورة السقاف، يأتي استجابة لما تعلمه الجميع من القيادة متمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، التي أعطت المرأة السعودية حقها الذي تستحقه من تكريم وتشريف، واعترافا لها بما قدمته من خدمة لمجتمعها.
وأشار إلى أن اللجنة المختصة اختارت قبل عامين الدكتورة خيرية السقاف للتكريم، لولا أن ظروفها الخاصة وقتها جعلتها تعتذر، وارتأت اللجنة هذا العام أن تعيد الكرة وتختارها لتكون الشخصية المكرمة لهذا الموسم الثقافي، لما قدمته للثقافة العربية مع النخبة الذين أثروا المنتدى بعلمهم وأعطوا لـ "رؤية 2030" فسحة من التوضيح، بما يعود على المجتمع وما يتوقعه من تغيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية تؤدي إلى نجاح "الرؤية".
بدوره، قال عبدالله باحمدان راعي المنتدى، "إن مجتمع المرأة قدم خلال مراحل تأسيس المملكة أمثلة كثيرة مشرفة"، مشيرا إلى أن الرعاية والاهتمام الذي حصلت عليه من نشأة الدولة أوصلها في حالات كثيرة إلى أعلى سلم المراتب العلمية والقيادية، حيث نجد حضورها القوي في كل مؤسسة ومركز من مراكز صنع القرار.
وأكد باحمدان، أن القيادة في ظل "رؤية المملكة 2030" وخطط التحول الوطني، تضع هذا النصف الآخر من المجتمع في طليعة الاهتمام، وترسخ حضورها في مناصب قيادية تخولها لعب أدوار ذات أهمية قصوى في الحركة التنموية للمملكة في الحاضر والمستقبل.
من جهتها، قالت الدكتورة خيرية السقاف في كلمة لها في الحفل، "إن التكريم اليوم وإن خصها، إلاّ أنه يعم كل امرأة هي عضو في جسد الوطن، مؤكدة أن هذا التشريف اليوم يزيدها تكليفا.