قصور عسير .. مزيج من الأصالة ومعايشة التراث
تمتزج الأصالة والتراث مع عراقة الحاضر في قرية عسير التراثية التي تحتضنها أرض المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية 32، حيث تعدّ القصور التراثية أحد المعالم البارزة لزائري المهرجان وهي تقف شامخة لتجسد الصور الحقيقية لمختلف بيئات منطقة عسير وإظهار بيئتها التراثية والحضارية.
وتعدّ قرية عسير أول قرية تراثية شيدت على أرض الجنادرية بعد انطلاقتها عام 1405، وتضم هذه القرية ثلاثة قصور كبيرة تمثل طابع البناء التقليدي القديم في منطقة عسير بشكل عام، حتى تنقل ثقافة الإنسان العسيري وعادته في كل عام للمشاركة فهذا المحفل الكبير.
واستطاعت قرية عسير التراثية استقطاب زوار الجنادرية الذين يحرصون على الاطلاع على ما تزخر به المنطقة من مبان قديمة وموروثات شعبية متنوعة سواء في السراة أو تهامة إلى جانب ما حباها الله من مناظر طبيعية ومواقع سياحية جميلة، ليرى فيها شاهدا على ما كان عليه لإنسان في منطقة عسير في الماضي، وقصصا لا تفنى وما زالت حكاياتها على أرض عسير حتى اليوم. ويمثل القصر الأول البناء القديم في مدينة أبها وضواحيها ويمثل القصر الثاني طراز البناء شمال مدينة أبها ورجال الحجر وأصدار تهامة، أما القصر الثالث فيحاكي البناء التقليدي في الجهة الشرقية لمنطقة عسير حتى حدود بيشة، وجميعها صممت بطريقة هندسية وفن يحكي عشق الإنسان العسيري للإبداع، فعلى جدران الحجر يتم نحت أشكال مثلثة بطرق متعاكسة وعلى الأخشاب في الأبواب والشبابيك، وتتضمن القرية أيضا "القصبة وهي في الغالب بناء دائري على شكل مخروطي ومرتفع، وتستخدم كحاميات للقرى ومناطق التجمعات السكانية ولها نوافذ صغيرة في الأعلى تستخدم لمراقبة وقنص العدو عند الحاجة بينما تستخدم من الأسفل لتخزين الحبوب.
كما تتكون القرية أيضا من الساحة الشعبية التي تعتبر مخرجا للقصور الثلاثة وتحيط بهذه الساحة السوق الشعبية وتعرض فيها الحرف اليدوية التي تشتهر بها المنطقة إضافة إلى بعض المحال التجارية.وما زالت تلك القرى والحصون تمثل وجهة رئيسة للوفود السياحية وعديد من الباحثين في مجال الآثار والتراث في حين لا تنقطع من زيارات مستمرة يقوم بها أهالي المنطقة يشرحون لأبنائهم كيف كان الآباء والأجداد يعيشون وكيف كانت معاناتهم من قسوة الحياة، التي لم تزدهم إلا إبداعا وقوة.
وتضم قرية عسير عديدا من الحرف القديمة كصناعة أدوات الصيد وصناعات الحدادة المتنوعة وصناعة الجلود وحياكة الزي العسيري، إضافة لمعرض الأسر المنتجة الذي روعي فيه التنوع في المعروضات بما يلبي حاجة الزوار من مأكولات ومشغولات يدوية وحياكة وخزفيات ومواد تراثية بأيدي أسر سعودية.
إلى جانب عديد من المعارض التي تمثل أجزاء واسعة من منطقة عسير يعرض فيها ما يخصها ويميزها عن غيرها كون المنطقة تعتبر من أكثر مناطق المملكة تنوعا، بداية من البادية والسراة وتهامة والساحل، حيث إن لكل مكان منها تراثه الخاص وعاداته وتقاليده التي تختلف عن الآخر في بعض الخصائص.
وتبرز القرية عديدا من الأكلات الشعبية كالمعصوب والعريكة والرقشة والمقلقل والعصيدة بالمرق والحنيذ وغيرها من المأكولات التي تشتهر بها المنطقة.
وخصصت قرية عسير التراثية ساحة للشعراء والفرق الشعبية لتقديم عديد من ألوان الشعر والفنون الشعبية المنوعة، والرقصات والفلكلورات التي تشتهر بها المنطقة التي تبدأ بعد صلاة العصر وبعد صلاة العشاء يوميا لتقديم أكثر من 100 عرض شعبي.