Author

نحو إنشاء مركز البحر الأحمر للبحث والابتكار

|
يزخر البحر الأحمر بكنوز لا حصر لها بشتى أنواعها البحرية والشاطئية والحيوانية، التي تقبع في رماله ومائه ومنظومة الحياة الفطرية التي يحويها من أسماك وكائنات حية وشعب مرجانية، وغيرها من الكنوز الطبيعية، ناهيك عن كونه إرثا طبيعيا وبيئيا وسياحيا واقتصاديا منقطع النظير، ولا تقل أيضا أهميته التاريخية والحضارية والإنسانية، وما مر عليه من عصور وأزمنة ذات ثراء إنثروبولوجي وثقافي تعود إلى ما قبل 2500 قبل الميلاد. تكمن الأهمية الاستراتيجية في المياه البحرية للمملكة أن جزءا كبيرا من مياه البحر تحلى لتكون صالحة للشرب، وهو في الوقت نفسه سلة غذائية متجددة، ويعج بالكائنات الفطرية المختلفة. وتقبع هنا الفرص في تطوير الأبحاث الخاصة بتقنيات التحلية التي تعتمد على الطاقة الشمسية، لإيجاد نماذج مستدامة وذات مردود استراتيجي واقتصادي للدولة. وللحديث عن بعض ما يمكن تطويره من خلال مركز يكون بمنزلة مركز أبحاث شامل علاوة على مسرعة وحاضنة أعمال ريادية، يمكن العمل على عدد من المشاريع البحثية والبحثية التطبيقية التي من شأنها الحفاظ على أمننا البيئي، وكذلك فتح خطوط إنتاج ودراسات جدوى خاصة بالمزارع السمكية ومزارع الربيان ودراسات خاصة بالاختراع في مجال الغوص والخياشيم البشرية وغيرها من المجالات المستقبلية التي تأخذ البحث من طيات التنظير إلى خروجه كمشروع بحري ذي علاقة بالبحر الأحمر تحديدا، ذلك الكنز الثري الذي يحمل في طياته كثيرا من الفرص والمزايا المستقبلية. يمكن كذلك من ناحية صناعية أن يكون لدى المركز مختبرات تقوم بعمل الأبحاث الخاصة بالمواد التجميلية النافعة التي تستخرج من الطحالب أو أي أحياء بحرية أخرى، والتي يكون لها أثر تجميلي أو علاجي ودوائي، ومن هنا يجدر الاستشهاد بالريادة الإندونيسية في استخراج كم متميز من المنتجات من شجرة جوز الهند والطحالب البحرية، وتحويل كل ذلك إلى صناعات وشركات تعمل على تصدير تلك المواد بشكل المصنع وليس كمواد أولية أو مواد خام. يمكن كذلك للمركز العمل في الجوانب المدنية والعسكرية على حد سواء مثل تطوير الغواصات والسفن التي يمكن استخدامها للسياحة والترفيه وكذلك يمكن عمل تطبيقات خاصة عسكرية وأمنية، ولا سيما في التوجه الجديد لدى دول الإقليم في إنتاج غواصات ذات تكاليف بسيطة جدا وقدرات بسيطة تستطيع التواكب مع طبيعة هذا البحر، وكذلك فتح فرص تصنيع ومعرفة الكيف في هذه المجالات الحيوية. تتكون أجزاء المركز من قسم للعلوم البحرية والأحياء البحرية، وآخر للعلوم التطبيقية وهندسة البحار، وآخر للتقنيات البحرية، وقسم للعلوم الإنسانية والاجتماعية يشمل القوانين البحرية والأمن البحري، علاوة على قسم خاص بالأعمال ونمذجتها والدراسات التجارية ودراسات الجدوى، ومختبر آخر خاص بالأحياء والاختراع والبيولوجيا والجيولوجيا البحرية، علاوة على مركز للخرائط البحرية. وورش تصنيع هندسية للنماذج الهندسية. البيئة وحفظ البيئة والحماية من التلوث، والتغير المناخي، والتصحر، وغيرها من الأبحاث التي يمكن لها المساهمة في ذلك. من المهم كذلك وجود القوارب التي تعزز علوم oceanography وهو علم المحيطات الذي يدرس مختلف الطبقات الجيولوجية للبحار في محاولة لسبر أغوار أعماق البحر الأحمر وكنوزه الدفينة. مثل هذا المركز ينبغي أن يبنى ويؤسس مع نموذج مالي متكامل مبني على الأوقاف، ويتم استثمار تلك الأوقاف بشكل ينمي مداخل هذا المركز، وكذلك يدخل كشريك مع القطاعات المختلفة من أجل إيجاد الحلول المتعلقة بالإشكاليات البحثية أو التطبيقية الخاصة بالبحر الأحمر، وبالتالي العمل كمركز خبرة وتدريب ويكون ذلك العمل من مصادر دخله. إن قيادة مثل هذا المركز الضخم مسألة ليست بالسهلة بحكم تداخل وتعدد التخصصات، بين العلوم البحتة والعلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية، وبين كذلك الجوانب التطبيقية والتجارية التي يمكن للمركز من خلال مسرعات الأعمال وحواضنها أن يوجد شركات تخرج من رحم هذا المركز، وبالتالي وجود موارد دخل أخرى بجانب الأوقاف التي تضمن له الاستمرارية، مع وجود مجلس أمناء أعلى ومجلس إدارة من الباحثين والمهتمين ورجال الأعمال، ويمكن لهذا المركز كذلك أن يكون مصدرا مهما لكل من القطاعين الحكومي والخاص للمعلومات والتطبيقات والمشاريع التي من شأنها النهوض بكل ما يتعلق بالعلوم البحرية وكل ما يتعلق بأبحاث البحر الأحمر... وبالله التوفيق،
إنشرها