الفساد يضعف النمو والتنمية الاقتصادية «2 من 2»
يمكن أن يصل تأثير الفساد إلى رفع تكاليف الدخول إلى الأسواق المالية لأن المقرضين يأخذونه في الحسبان. ويتفاقم الضرر الذي يصيب القطاع الخاص من الفساد لأنه يعمق مشاعر عدم اليقين لدى الشركات ويقف حجر عثرة أمام دخول شركات جديدة. وتُخصص الموارد للأنشطة الباحثة عن الريع بدلا من الأنشطة الإنتاجية.
وقد تترتب عليه كذلك تكاليف اجتماعية وبيئية باهظة. فانخفاض مخصصات البرامج الاجتماعية والموارد الضائعة من جراء الفساد تحد من بناء رأس المال البشري. وفي الوقت نفسه، يؤدي ضعف قواعد تنظيم البيئة وسوء إنفاذها إلى زيادة التلوث واستخراج موارد طبيعية أكثر مما يلزم. وفي الحالات القصوى، من شأن الفساد المؤثر في النظام أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي واندلاع الصراعات. ويذهب التقرير إلى أن وفرة الموارد الطبيعية يمكن أن تزيد الوضع سوءا.
بينما يقر التقرير بعدم وجود وصفة تصلح لجميع البلدان، يؤكد كذلك الأهمية البالغة لوضع منهج شامل. فالتدابير قصيرة المدى التي لها آثار فورية يجب أن تكملها تدابير وقائية مع الحزم في الإنفاذ. ويقدم التقرير إرشادات عملية لصناع السياسات، مبنية على منظور الصندوق تجاه مساعدة أعضائه على تصميم الإصلاحات الاقتصادية وتنفيذها، بما فيها استراتيجيات مكافحة الفساد. ويحدد التقرير أربع لبنات أساسية:
- الشفافية مطلب أساس: يتعين أن تعتمد البلدان المعايير الدولية لشفافية المالية العامة والقطاع المالي. ونتيجة لحصة الصناعات الاستخراجية النسبية في كثير من الاقتصادات، تكتسب الشفافية في هذا القطاع على وجه الخصوص أهمية بالغة. كذلك يتعين أن تدعم الحكومات المعايير الدولية لشفافية ملكية الشركات. ولحرية الصحافة كذلك دور رئيس في الكشف عن ممارسات الفساد.
- من أجل تعزيز سيادة القانون، يجب أن يكون هناك تهديد مؤكد بالملاحقة القضائية. وعملية الإنفاذ يجب أن تستهدف القطاع الخاص كذلك. ويجب في حالات معينة، إنشاء مؤسسات متخصصة جديدة عندما تكون المؤسسات الموجودة بالفعل فاسدة. ويجب وضع إطار فعال لمكافحة غسل الأموال لتقليل غسل عائدات الفساد إلى أدنى حد.
- الإفراط في التنظيم يولد البحث عن الريع الذي يُخصص بناء على تقدير المسؤولين العموميين ويجب القضاء عليه. فإلغاء القيود التنظيمية والتبسيط هما حجر الزاوية في استراتيجيات مكافحة الفساد بكفاءة. ومع هذا، فوضع إطار مؤسسي كاف في البداية يمثل مطلبا ضروريا عند التحول من الأسواق الاحتكارية الخاضعة لسيطرة الدولة (الاقتصادات الصاعدة في شرق أوروبا).
- يقتضي الأمر وضع إطار قانوني واضح. ومع هذا، فلا جدوى من وضع أفضل الأطر ما لم تُطَبَّق. والتطبيق يعني وجود مؤسسات فعالة. وعلى وجه الخصوص، يتمثل أحد الأهداف الرئيسة في تطوير كادر من المسؤولين العموميين الذين يتسمون بالكفاءة ويتمتعون باستقلاليتهم عن التأثير الخاص والتدخل السياسي - ويفخرون بهذه الاستقلالية. وأخيرا، للقيادة دور أساس حاسم. فيجب أن يكون القادة أنفسهم أمثلة يُحتذى بها وأن يضمنوا اتخاذ إجراء حاسم عند الحاجة.