رسائل فراق رمضانية

ما إن ينقضي اليوم الأول من رمضان إلا وتبدأ رسائل الفراق تتدفق على هاتفك، وتزداد وتيرة هذه الرسائل حزنا ولوعة يوما تلو الآخر، حتى تصل إلى ذروتها في الأيام الأخيرة من هذا الشهر الفضيل، معظمها يدور حول وجع فراق لياليه الروحانية وأيامه المباركة والحزن الذي سيخلفه في قلوبنا عند رحيله.. وكثير منها يركز على تقصيرنا في العبادة وقراءة القرآن وصلة الرحم والغفلة عن التصدق والصلاة في المسجد وإهمالنا في استغلال ساعاته والندم الذي سنشعر به حين يرحل، أما جلد الذات الحقيقي الذي ستتورم به ضمائرنا ويشعرنا بأننا مذنبون حقا فهو في آخر ليلة منه حين لا يتبقى على الفراق إلا سويعات!
مثل هذه الرسائل أكاد أجزم أن من يرسلها إما أشخاص "متبطحون" عند شاشة التلفاز من بداية الشهر ولم يتركوا شاردة ولا واردة في برامج رمضان ومسلسلاته إلا وتابعوها ولأنهم يشعرون بتأنيب الضمير فيحاولون أن يظهروا بمظهر آخر غير مظهرهم الحقيقي، أو أنهم أشخاص سوداويون موغلون في التشاؤم والأفكار السلبية التي تركز على المعاني الموجعة للنفس مثل الفراق والتقصير والندم والحزن ويظنون أن سياط جلد الذات ذات جدوى، أو أنهم أشخاص نواياهم فعلا سليمة ولكنهم لا يدركون أن مثل هذه الرسائل السلبية غالبا يكون مردودها سلبيا تماما.
ــــ إشكاليتنا تتركز في كيفية إيصال المعنى بطريقة مؤثرة تؤتي نتائجها المرجوة منها وتترك أثرا إيجابيا في النفس، حيث تشكل حافزا قويا يدفع بالإنسان إلى السلوك المأمول، مثلا لو أن مثل رسائل الفراق الرمضانية هذه وصلت في نهاية رمضان لشخص حساس لا يمتلك الثقة بنفسه فجعلته يشعر بتقصيره الشديد وأنه مذنب.. فهل نتوقع منه أن يجتهد فيما تبقى أو أنه سيجلد ذاته وتكون ردة فعله عكسية؟!
ـــ لماذا نصر أن نجعل من كل موسم ديني أو حدث اجتماعي أو أسري أو أيا كان.. حائط مبكى نمارس فوقه كل مشاعرنا السلبية ونفرغ فيه كل تجارب الماضي ونلونه بأصباغ اللوعة والألم والحزن والفراق دون أن نمنح مشاعرنا مساحات للاستمتاع والامتنان؛ لأننا نعيش فصوله الملونة وساعاته الجميلة!
ـــ أرسل رسائل رمضانية يشعر قارئها بالامتنان لله تعالى أن زاد سنة في عمره ليعيش رمضان آخر!
ــــ أرسل قصصا إيجابية مؤثرة تحث الآخرين على كيفية استغلال شهر رمضان حتى لو كان في الليلة الأخيرة.. ولا تجعل الآخرين يقنطون من رحمة الله حين تشعرهم بفراق الشهر وتقصيرهم فيه!
أوقفوا نشر مثل هذه الرسائل السوداوية.. فنحن نحتاج للأمل وحسن الظن بالله وأن هناك فرصة للخير دوما!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي