المستهلكون يحفزون احتياجات البنية التحتية «1 من 2»

تختلف احتياجات البنية التحتية في اقتصادات الأسواق الصاعدة، كالصين أو الهند، عنها في الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة أو ألمانيا. وأصبح من الضروري أن يحرص كثير من الاقتصادات الصاعدة على إحداث توسعات هائلة في شبكات الطاقة والنقل، أو البدء من الصفر في بنائها، حتى يتسنى لها مواكبة النمو الاقتصادي السريع. وتشير دراستنا البحثية إلى أنه كلما ارتفع دخل المواطنين زاد إنفاقهم على خدمات النقل. ومع الرواج، الذي تشهده الطبقات المتوسطة في الاقتصادات الصاعدة وارتفاع مستويات دخلها، ظهرت انعكاسات كبيرة على اختيارات صناع السياسات لكيفية الاستثمار في البنية التحتية.
ماذا يعني تصاعد مستويات الدخل بالنسبة لاحتياجات البنية التحتية؟
يجب أن تواكب استثمارات البنية التحتية سرعة النمو السكاني، خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء والهند وأنحاء أخرى من جنوب شرق آسيا، والنمو في دخل الفرد. وإضافة إلى ذلك، تواصل اتجاهات الاستهلاك تحولها نحو زيادة الإنفاق على خدمات النقل، الأمر الذي لا يحظى غالبا بالاهتمام الواجب.
وهناك بحوث اقتصادية كثيرة تتناول كيفية تأثير تغيرات الدخل على أنواع السلع والخدمات التي يتجه الناس إلى شرائها.
فقد أوضح "إرنست إنجل" الاقتصادي الألماني في القرن الـ19 أنه رغم ازدياد إنفاق الأسر على الغذاء مع ازدياد حجمها وارتفاع مستويات دخلها، فإن نسبة الدخل المنفق فعليا على الغذاء تنخفض ــــ وهو ما يعرف باسم "قانون إنجل".
وتوضح الأدلة المتوافرة لدينا من مسوح الأسر في 20 اقتصادا من الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة أن هناك علاقة قوية وإيجابية بين الدخل الشخصي والإنفاق على النقل، حيث لا يخصص الذين يبلغ دخلهم 200 دولار سنويا سوى 1 في المائة من دخلهم لاحتياجاتهم من خدمات النقل، بينما ينفق الذين يبلغ دخلهم 20 ألف دولار سنويا 18 في المائة على النقل.
وعلى مدار الـ20 عاما المقبلة، سنجد أن أصحاب الدخول التي تراوح بين ستة آلاف دولار و20 ألف دولار في العالم سيزداد عددهم بأكثر قليلا من مليار نسمة، وسيشتري كثير منهم سيارة لأول مرة. أما أصحاب الدخول التي تتجاوز 20 ألف دولار فسيزداد عددهم بنحو 800 مليون نسمة، وسيبدأ كثير منهم في السفر الجوي لأغراض الترفيه.
وإذا أخذنا هذه العوامل في الاعتبار، فمن المتوقع أن يزداد إنفاق المستهلكين على النقل أربعة أضعاف المستوى الحالي بحلول عام 2035 في الهند والصين وأنحاء أخرى من آسيا الصاعدة، وكذلك في إفريقيا جنوب الصحراء. وعلى مدار السنوات الـ20 المقبلة ستصل تكلفة مجرد بناء الطرق الممهدة والسكك الحديدية اللازمة لاستيعاب الطلب العالمي المتزايد على النقل إلى قرابة 48 تريليون دولار. وستحتاج اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية معظم ذلك الاستثمار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي