الشورى ونظم تأديب موظفي الدولة

ينظر مجلس الشورى دراسة لتطوير نظم تأديب موظفي الدولة، وناقشت الدراسة نظام تأديب الموظفين الذي أسس هيئة الرقابة والتحقيق أيضا، والحاجة إلى تحديثه وتطويره، مع التوصية بدمج هيئة الرقابة والتحقيق مع ديوان المراقبة العامة، بناء على رؤيتهم بازدواجية عمل الجهازين، ولذلك رأيت كتابة رأي حول الموضوع.
بداية يجب شرح مهمة كل الأجهزة الرقابية في الدولة بشكل عام، مع بيان الفرق في مهمة كل جهاز عن غيره، حيث توجد لدينا عدة أجهزة رقابية، بداية من هيئة مكافحة الفساد، وهيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المراقبة العامة، كما أن هناك جهاز المباحث الإدارية الذي يقوم أيضا بدور رقابي على موظفي الدولة. والسؤال الآن : ما الفرق بين أدوار هذه الأجهزة الرقابية؟ وهل يمكن دمجها في جهاز واحد؟
بالنسبة لهيئة مكافحة الفساد؛ فإن هذه الهيئة تأسست بصدور تنظيمها عام 1432هـ، وهي الوحيدة المرتبطة بالملك مباشرة ، وليس برئيس مجلس الوزراء، واختصاصاتها واسعة، حيث يشمل دورها الرقابة المالية والإدارية ومتابعة الأداء، وكذلك لها سلطة التحري عن المخالفات، إضافة إلى دورها التوعوي والتطويري حسب ما نص عليه التنظيم.
أما بالنسبة لديوان المراقبة العامة؛ ففي الحقيقة هو جهاز رقابة مالي مهني بحت، ليست له علاقة بالتحري على الموظفين والأداء وما إلى ذلك، فهو عمل رقابة مالية صرفة، يدرس ويراجع التقارير المالية التي من خلالها يراقب إيرادات الدولة ومصروفاتها وهكذا، وليست له علاقة بالتحقيق مع الموظفين والكشف عن السبب وما خلفه وهكذا، حيث يأتي هنا دور هيئة الرقابة والتحقيق، التي تبدأ بالبحث عن المتسبب في المشكلة أو الملاحظة، ولها في ذلك سلطة البحث والتحقيق داخل المنشأة الحكومية وما في حكمها. فباختصار دور ديوان الرقابة دور مالي بحت، وأما هيئة الرقابة فدورها مختلف تماما، ويتطلب تأهيلا مختلفا، حيث تبحث في مخالفة اللوائح والأنظمة والتحقيق مع الموظفين وخلافه.
الخلاصة هنا؛ أن طلب دمج جهازي ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق ربما يؤدي لإضعاف الجهازين وليس تطويرهما، كون نشاطهما مختلفا، وكذلك فإن استقلال الجهازين عن بعضهما يقوي من مبدأ الاستقلال في الأنشطة وهو ما يعزز استقلال موظفي الجهازين عن بعضهما ليصعب من حالات الفساد أيضا، وهذا أحد مبادئ الحوكمة من خلال تعزيز الاستقلالية في الأنشطة.
تبقى نقطة أخيرة؛ وهي إشارة التقرير إلى أنظمة محاكمة موظفي الدولة، حيث أشار الخبر المنشور إلى تسمية الوزراء وموظفي المرتبة الممتازة والقضاة وأساتذة الجامعات وموظفي الدولة، والحقيقة أن هناك عدة أنظمة تتحدث عن هذا ولا يشمل هؤلاء نظام واحد، فالوزراء لديهم نظام محاكمة الوزراء، والقضاة لديهم نظام القضاء الذي يوجد فيه تفتيش قضائي وهيئة تأديب خاصة بهم دعما للاستقلال القضائي، كما أن بقية موظفي الدولة المدنيين يخضعون إلى نظام تأديب الموظفين.
ختاما؛ أتفق تماما مع اقتراح ضرورة تحديث الأنظمة الرقابية، حيث إنها في معظمها صدرت في التسعينيات الهجرية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي