وسط جبال جازان الشامخة.. «سوق هروب» معرض حي للتراث جذب محبيه

وسط جبال جازان الشامخة.. «سوق هروب» معرض حي للتراث جذب محبيه

وسط حراك تجاري متميز، وإقبال جماهيري ملحوظ، يطلّ سوق محافظة هروب الشعبي من الجبال الشرقية لمنطقة جازان كهامة عريقة تعبر عن التراث والأصالة التي حافظت على مر السنين على قيمته الشعبية والتراثية بين الأسواق الشعبية المنتشرة بين محافظات المنطقة.
وتعدّ السوق الشعبية في هروب أحد أبرز المعالم التراثية في المحافظة الواقعة إلى الشرق من مدينة جيزان بنحو 100 كيلومتر، حيث تستقبل زوارها من داخل مدينة جيزان وخارجها كل يوم أحد منذ ساعات الصباح، كما تستقبل الباعة والمشترين من مختلف مراكز وقرى المحافظة.
وتنوعت المقتنيات الشعبية والتراثية والمعروضات في سوق هروب بين أدوات وأوانٍ فخارية وخزفية ونباتات عطرية وأقمشة وملابس تقليدية شعبية، بخلاف السمن البقري الخالص والعسل بأنواعه.
وتشكّل السوق الأسبوعية معرضا حيا لعرض تراث المحافظة من أدوات تقليدية وخزفية في الأكل والشرب والملبس إلى جانب كونها تظاهرة اجتماعية فريدة يلتقي فيها الأصدقاء والأقارب يتداولون أطراف الحديث في لقاء أسبوعي مستمر بين جنباتها.
ويبرز ركن القهوة الشعبية والمطعم الشعبي في السوق ويرتاده الكثير من زوار السوق من الكبار والصغار في الوقت الذي ظلّ فيه العم سليمان بن أحمد ناصر أحد باعة السوق على مدى ثلاثة عقود يصنع القهوة العربية ويبيع الشاي المعتق برائحة النعناع، فيما يبدع في جانب آخر في طهي إدام السمك، وهي الوجبة الأكثر طلبا كل صباح أحد من قبل المتسوقين.
وظلت السوق وفية لمحبي التراث حسبما قال المتسوق سالم بن محمد هروبي، مؤكدا أنه يجد إقبالا متواصلا من قبل المتسوقين وبخاصة في أوقات الإجازات. من جانبه تذكر العمّ حسين بن جاسم هروبي ذكريات قديمة، حينما كان يزور السوق في مكانها القديم وسط الوادي قبل أن تنتقل إلى موقعها الحالي قبل 30 عاما تقريبا، مؤكدا أن تاريخ سوق هروب الأسبوعي يتجاوز 100 عام. وفي أحد أركان السوق، يُمارس أحمد بن سالم الغزواني مهنة الحدادة على مدى 60 عاما متنقلا بين الأسواق الشعبية في كل من صبيا والعارضة وبيش، فيما يكون يوم الأحد موعده الأسبوعي في سوق هروب، وفي المهنة ذاتها يجاوره الحداد محمد بن أحمد غماري الذي ظل وفيا لمهنته التي ورثها من والده، مفتخرا بمشاركاته على مدى 20 عاما في المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية إلى جانب مشاركات أخرى في دبي وسوق عكاظ ومهرجان جازان الشتوي، مؤكدا أن مهنة الحدادة مصدر قوت يومه.
كما ينتظم باعة الحلويات المحلية في السوق الشعبية مع نظرائهم من باعة النباتات العطرية التي تفوح روائحها الزكية حيث تجد رواجا واسعا وإقبالا كبيرا من المتسوقين، فلا يكاد باعة تلك النباتات أن يوفوا الطلب المتزايد عليها. ويجد الزائر لسوق "هروب" الفرصة سانحة لمعرفة تاريخ المحافظة وتراثها وماضيها التليد من خلال تلك المعروضات التي تقف شاهدا حيّا ورمزا لثقافة الإنسان وحضارته قديما، حيث تبرز أدوات الزراعة التقليدية وغيرها من الأدوات التي استخدمها الإنسان في حياته قديما، كما تشارك المرأة المنتجة في فعاليات عديدة، وذلك من خلال ركن خاص تعرض خلاله البائعات أنواعا من المشغولات اليدوية والأعمال الفنية وأدوات الزينة والعطورات المصنوعة محليا.
يُذكر أن محافظة هروب تقع إلى الشرق من منطقة جازان، ويبلغ عدد سكانها 65 ألف نسمة، وتضم أكثر من 87 قرية وهجرة، وتضم خمسة مراكز إدارية هي منجد، والرزان، وحجن، والجوين، ووساع، وتتوافر فيها فروع لمعظم الإدارات الحكومية إلى جانب 79 مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية منها 44 مدرسة للبنين يدرس فيها 4176 طالبا إلى جانب 35 مدرسة للبنات تدرس بها 3408 طالبات.
كما تضم المحافظة أربعة مراكز للرعاية الصحية الأولية، وتمتاز المحافظة بطبيعة وتضاريس سياحية تشمل المرتفعات والأودية والغابات.
ويعوّل عديد من الاقتصاديين كثيرا على محافظة هروب، إذ وصفوها بالمستقبل الواعد للاستثمار السياحي والعقاري والتجاري، خاصة مع النمو السكاني المتواصل الذي تشهده، والتطور العمراني، فضلا عن المشروعات التنموية المزدهرة فيها.

الأكثر قراءة