تعافي الأسعار فشل في إنعاش الصخر الزيتي عالميا

مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات أعلى بكثير من مستويات العام الماضي المتدنية، أضاف منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة بالفعل منصات حفر جديدة لدعم الإنتاج في عام 2017. لكن على ما يبدو أن ارتفاع الأسعار هذا لم يفعل الكثير لتعزيز تطوير مواد الصخر الزيتي الكبيرة في أماكن أخرى من العالم. احتمال ازدهار موارد الصخر الزيتي عالميا على المدى القصير لتنافس مثيلاتها في أمريكا الشمالية لا  يزال ضئيلا، حيث إن التراكيب الجيولوجية المعقدة وعدم وجود بنية تحتية – أكثر بكثير من الأسعار المنخفضة – يحبطان تطوير موارد الصخر الزيتي العملاقة في أماكن مثل الصين والجزائر.
كما أن مخاوف الرأي العام من عمليات التكسير قد منعت أيضا تطوير موارد الصخر الزيتي في معظم أنحاء أوروبا، باستثناء المملكة المتحدة. حيث يستمر التنقيب على نطاق صغير، في هذا الجانب من المتوقع أن تقوم ثلاث شركات مستقلة بحفر آبار تجريبية في شمال إنجلترا هذا العام لتحديد الجدوى الاقتصادية لبعض تشكيلات الصخر الزيتي. ولكن في أماكن أخرى من القارة الأوروبية، في الواقع لا يوجد أمل في بدء تنفيذ مشاريع الصخر الزيتي. حيث حضرت فرنسا وألمانيا عمليات التكسير منذ البداية. بولندا، التي من المفترض أنها تمتلك أكبر موارد صخر زيتي غير مؤكدة قابلة للاسترداد في أوروبا، نلاحظ أن شركات الاستكشاف بدأت في المغادرة بعد أن فشل اختبار الآبار في السنوات الأخيرة في تحديد التقديرات الأولية للاحتياطيات المثبتة القابلة للاسترداد اقتصاديا.    
التخطيط أخيرا لتنفيذ مشروع في منطقة أستورياس شمالي إسبانيا، وضعها مرة أخرى على خريطة الصخر الزيتي، ولكن الروتين المفرط والمعارضة الشعبية القوية قد يوقفان المشروع. قوانين ملكية الأراضي في أوروبا، التي تعطي الدولة الحقوق على ملكية الموارد الجوفية، لا توفر حافزا لملاك الأراضي للسماح للشركات بالحفر في ممتلكاتهم. في منطقة الشرق الأوسط، شح إمدادات المياه كان عائقا بشكل خاص للمملكة العربية السعودية، وكذلك بالنسبة للجزائر، حيث أدت المخاوف من التلوث إلى اندلاع أعمال مناهضة على نطاق واسع في الصحراء الكبرى في عام 2015.  
خارج أمريكا الشمالية، حققت الصين والأرجنتين أكبر قدر من التقدم في إنتاج كميات تجارية من الصخر الزيتي، ولكنهما تواجهان صعوبات في توسيع نطاق الإنتاج. في الصين، معظم إنتاج الصخر الزيتي يأتي من حقل فولينج في حوض سيتشوان الذي يدار من قبل شركة سينوبك، مع وجود مناطق محتملة أخرى لكنها معقدة جيولوجيا. في الوقت نفسه، وفرة المعروض في أسواق الغاز المحلية جعلت المنتجين يحجمون عن الاستثمار في موارد الصخر الزيتي الصيني، حيث إن عديدا من التشكيلات الواعدة موجودة في مناطق نائية بعيدة عن خطوط الأنابيب القائمة حاليا. في حقل فولينج، يقال إن شركة سينوبك كانت بالكاد تحقق أرباحا حتى قبل أن يؤخذ الدعم الحكومي في الحسبان، لكن من المتوقع أن تنخفض التكاليف أكثر مع زيادة الإنتاج. في الوقت الحاضر، تخطط شركة سينوبك لاستثمار تسعة مليارات يوان (1.3 مليار دولار) سنويا على مدى السنوات القليلة المقبلة على الصخر الزيتي، معظمها في حقل فولينج، ولكن الشركات الأخرى لا تحذو حذوها. في السنوات الأخيرة تخلت الشركات الغربية الكبرى، بما في ذلك شركة شيفرون، كونوكو فيليبس ورويال داتش شل، عن موارد الصخر الزيتي الصيني. الاستثناء الوحيد هو شركة بريتيش بتروليوم، التي وقعت في العام الماضي عقود تقاسم الإنتاج مع شركة البترول الوطنية الصينية CNPC للاستثمار في موارد الصخر الزيتي في حوض سيتشوان. في عام 2016، أنتجت الصين نحو ثمانية مليارات متر مكعب سنويا (772 مليون قدم مكعبة يوميا) من الغاز الصخري، حسب تقديرات شركة البترول الوطنية الصينية. وتتوقع أن يصل إنتاج الصين من الغاز الصخري إلى نحو 15 – 25 مليار متر مكعب بحلول عام 2020، وهو أقل بكثير من 30 مليار متر مكعب الهدف الرسمي للحكومة.
موارد الصخر الزيتي الواعدة هي في حوض فاكا ميورتا VacaMuerta في الأرجنتين، حيث التزمت الحكومة أخيرا بتحسين البنية التحتية وتقديم حوافز سعرية لتشجيع الاستثمار. لكن، على الرغم من سياسات الطاقة الحكومية المشجعة للمستثمر، إلا أن معظم الشركات اتخذت نهجا استثماريا بطيئا. أما الآن، فإن المستفيد الرئيس من التدابير الجديدة سوف يكون شركة النفط الوطنية، المسؤولة عن معظم إنتاج الصخر الزيتي في الأرجنتين. في بداية هذا العام، أعلنت الحكومة أنها ستمدد العمل في البرنامج الذي يعطي المنتجين أسعارا أعلى من الأسواق العالمية لإنتاج الغاز الجديد. إن الحوافز، التي كانت ستنتهي في نهاية العام، من الممكن أن تعطي المنتجين نحو 7.5 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية – مقارنة بأقل من 3.5 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية في أسواق هنري هاب في الولايات المتحدة – لكن الحكومة الأرجنتينية قالت إن هذه الأسعار سوف تنخفض مع الوقت. كما وعدت الحكومة بالاستثمار في بنية تحتية جديدة للنقل والخدمات اللوجستية، وإلغاء الضرائب المفروضة على تصدير النفط والغاز، التي كانت قائمة منذ 15 عاما. في هذا الصدد، أعلنت الحكومة الأرجنتينية أخيرا أنها سوف تستثمر خمسة مليارات دولار لتحسين البنية التحتية في هذا العام وأكثر من ذلك بكثير في السنوات المقبلة، لكنها لم تقدم أي تفاصيل. في ضوء هذه الإجراءات قفز إنتاج الصخر الزيتي لشركة النفط الوطنية YPF بنحو 13 في المائة في الربع الثالث من العام الماضي ليصل إلى نحو 58 ألف برميل من النفط المكافئ في اليوم (320 مليون قدم مكعبة يوميا)، وأعلنت الشركة استثمارات جديدة في حوض فاكا ميورتا في هذا العام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي