جامعيون على قارعة الطريق يبيعون «ما لذ وطاب» بهامات مرفوعة
جسد عدد من الشباب السعودي مقولة: "إن العمل ليس عيبا" على أرض الواقع، وذلك من خلال مزاولتهم بيع المشروبات الساخنة والباردة والمأكولات الشعبية في الطرقات، حيث استطاعوا أن يكسروا حاجز العجز والشعور بالخجل من هذه المهن التي غيرت نظرة المجتمع إليهم فأصبح الجميع يحمل مشاعر الاحترام والتقدير تجاههم.
#2#
واستطاع هؤلاء الشباب أن يسجلوا قصص نجاح تتحدث عن نفسها، وهم يفترشون الشوارع والمتنزهات خلف بضاعاتهم المتنوعة، حيث تنوعت مبيعاتهم ما بين الشاي والقهوة وبعض المأكولات الشعبية وغيرها من المنتجات التي صنعوها بأيديهم، وبعضها بمشاركة أسرهم من أمهات وزوجات وأخوات، مرسلين رسالة مفادها أن العمل ليس عيباً، ولا نقصاً في حق الإنسان.
#3#
ورصدت "الاقتصادية" خلال جولة لها على امتداد طريق الأمير تركي بن عبد العزيز الأول في العاصمة الرياض البارحة، وجود نماذج من هؤلاء الشباب الطامحين في تأمين مستقبلهم واستثمار أوقات فراغهم، وملامح المثابرة والاجتهاد والطموح نحو الأفضل ترتسم على وجوههم، مقتحمين سوق العمل الحر على طريقتهم بجرأة وطموح كبيرين.
كما وثقت "الاقتصادية" خلال جولتها عديدا من القصص والمثابرة التي سجلها هؤلاء الشباب الذين يحمل بعضهم شهادة الماجستير، باحثين عن الرزق الحلال، والبعض الآخر من الطلاب الجامعيين وطلاب الثانوي والمتوسطة، حيث وجدوا الإجازة الصيفية فرصة لاستثماره بما يعود عليهم بالفائدة.
#4#
ولعل من القصص التي استوقفت الصحيفة وجود أحد الآباء يقوم بمساعدة ابنه في إعداد بعض المشروبات الحارة كالشاي والكرك وبعض المأكولات الشعبية، من إعداد الفريك وخبز التاوه والبليلة والسبموسة، وغيرها من المأكولات.
ويرى أبو ناصر الذي يشارك ابنه خالد وزميله أحمد الزهراني في إعداد وبيع هذه المشروبات والمأكولات، أنه أعجب بفكرة ابنه حينما عرض عليه أن يقوم بإعداد وبيع الشاي هو وزميله في أحد طرقات الرياض، حيث رحب بالفكرة ودعمه مالياً لتجهيز ما يلزم.
#5#
ولم يخف أبو ناصر سعادته وهو يشاهد ابنه يعتمد على نفسه، موضحا أنه سعيد جدا أن يشاهد ابنه وزميله يقومان بالاعتماد على نفسيهما، كما أنه يحضر بين فترة وأخرى لمساعدتهما في إعداد وبيع بعض المأكولات والمشــروبات، مشيراً إلى أن والدته تقوم بإحضار بعض الأكلات الشعبية كالحنيني لبيعها على الزبائن.
بينما أشار خالد سعد الذي يدرس في السنة الثانية في جامعة الملك سعود، إلى أن الفكرة جاءت رغبة منه لاستثمار الوقت، والاعتماد على النفس، خاصة أن المهنة لا تحتاج إلى الجهد الكبير، بل الصبر وكسر حواجز العيب والحياء، لافتا إلى أن المبالغ التي يجنونها من هذه المبيعات مربحة بعض الشيء خاصة نهاية الأسبوع تصل إلى ألف ريال.
من جهته، أكد البائع عبد العزيز المجري الذي عرف عنه إجادته صنع القهوة العربية بين زبائنه، أن العمل في مثل هذه المهن مسلٍّ ويحقق أرباحاً جيدة، مبينا أن عمله في أحد الجهات الحكومية وحمله شهادة الماجستير لم تمنعاه من البحث عن دخل إضافي.
وأشار إلى أنه وجد التشجيع من زوجته، التي ساعدته كثيرا، وذلك بتحضير أدوات القهوة والشاي، وإعداد بعض الحلويات لبيعها.
من جانبه، ذكر سالم الشهري خبير تربوي واجتماعي، أن هؤلاء الشباب ركلوا كل المفاهيم البالية عن العمل المهني، التي طالما أقعدت الكثيرين عن الانطلاق نحو آفاق المستقبل الواعد، وسجلوا قصص نجاح تتحدث عن نفسها.
وأفاد بأن هؤلاء الشباب الذين يعملون في الطرقات عقدوا العزم على الدخول إلى عالم التجارة من خلال ممارسة أعمال ذات أفكار بسيطة ولكنها تمثل لهم شيئا كبيرا تمكنوا خلالها من إثبات أن الشباب السعودي استطاع أن يكسر حاجز الخجل والعيب، داعياً أمانات المناطق إلى دعمهم، وتسهيل مهامهم.