قيمتنا في احترامنا للقانون
كم أشعر بالخجل عندما أهبط في بعض البلدان المجاورة لنا وأرى كيف أن الناس هناك يلتزمون بقواعد المرور واحترام الآخرين، ثم أعود لأرى بعض المشاهد المؤلمة التي تواجهنا في أول وهلة عندما تدخل بوابة المطار وترى بعض المواطنين لا يحترمون الآخرين في الانتظار وكل شخص يسابق على مكان الآخر! الأمر الذي ينعكس أيضا في الشوارع وبشكل أكثر سوءا!
لماذا نحن لا نؤمن بالقانون ولا نطبقه إلا ما ندر؟ هذه الظاهرة تحتاج إلى دراسة مستقصية لجميع الظواهر والأسباب، هل هي مشكلة جينية فينا؟ لا أعتقد ذلك، حيث إن أولئك المخالفين في شوارعنا تراهم منتظمين بشكل كامل فور خروجهم من البلد! أم أن اللوم يذهب للحكومة مثلا؟ ولكن هل يمكن تبرير خطأ الشخص بإلقائه على الآخرين؟ لا أعتقد ذلك! هل السبب أننا أغنياء؟ لا أعتقد ذلك أيضا، فالغِنى لا يمنع صاحبه من عقوبة السجن!
إذاً ما السبب؟ أعتقد أن من أهم الأسباب لهذه الظاهرة هو ضعف العقوبات والآليات التي من خلالها تُطبق الأنظمة (وهذا مع عدم إغفال حداثة دخول الحضارة والتطور في بلد كان معزولا تاريخيا وجغرافيا لظروف الفقر والبيئة الصعبة فيه)، والقانون أهم ما يغير الثقافات للأفضل، بل يمكنه زرع ثقافات إيجابية جديدة.
إن من أهم القواعد والسنن الإلهية الكونية أن الحياة لا تستقيم إلا بالمُرغبات والعقوبات، ولذلك شُرع لنا القصاص والحدود وما إلى ذلك، وهي تؤسس لأنْ يُعاقب البعض (المرتكب لمخالفة) لأجل مصلحة الباقين، وإن كانت تلك العقوبة قد تكون مؤلمة أو شديدة على من تقع عليه.
لننظر إلى بعض الظواهر السلبية التي يعاني منها مجتمعنا في هذا الجانب؛ فإذا ارتكب أحدهم مخالفة بالسرعة أو قطع الإشارة عاد ليضع اللوم على المرور وأن المخالفات ظالمة! توضع مواقف لمكان معين فيتركها الكثير ليقفوا بسياراتهم أمام المكان ليكون قريبا حتى لو أغلق الطريق على الآخرين وبكل معاني الأنانية! يقتل القاتل فيجتمع الناس ليدفعوا عنه دية بالملايين وربما طلبوا الزكاة في ذلك! عندما يوضع صف للانتظار يقوم البعض ودون أدنى حياء بالتجاوز على الآخرين بكل أنانية!
وبهذه المناسبة لا أنسى مشهد الملحقية الثقافية بلندن، ذلك البلد المعروف بالطوابير وشدة الاهتمام بها، حيث بمجرد دخولك مبنى الملحقية تجد المراجعين متكومين حول الاستقبال مثلا، بمشهد غير حضاري ومؤسف ودون مراعاة لحقوق بعضنا بعضا! بينما عندما يخرجون إلى المحل المجاور مباشرة يحترمون الطابور!
الخلاصة أننا يجب أن نتعلم أن القانون لمصلحتنا جميعا وأن احترام القانون احترام لأنفسنا وبلدنا، ويجب أن نضحي في سبيل مصلحة الجماعة ومصلحة البلد.