تبرير غير مقنع

أهم أدوار المواطن في خدمة بلده وضمان أمنها وتقدمها هو تبني السلوك القويم والدعوة إليه والابتعاد عن كل ما يمكن أن يسيء لوطنه في الداخل أو الخارج. هذا المفهوم يجب أن يبدأ غرسه في الطفل في بداية حياته سواء في البيت أو دور العلم بمختلف مستوياتها أو مكونات المسؤولية الاجتماعية والدينية وأهمها المسجد.
البدء بهذه المفاهيم منذ الصغر ليس عبارة عن محاضرات أو كلام منمق لا يفيد ولا يبنى عليه السلوك. عندما نتحدث عن المسؤولية تجاه الوطن، نتكلم عن سلوك ومعاملات أكثر من مجرد التنظير في مختلف المواقع. الحديث عن الحفاظ على النظافة، أهم منه ممارسة السلوك في الواقع، وإلا فكيف يتوقع الواحد منا أن يتبنى ابنه طريقة تعامل لا يمارسها الأب!
أزعم أن هذا واحد من أهم عناصر الفصام الذي يعيشه كثيرون في مجتمعنا بين ما ينظرون ويحاضرون به، وما يمارسونه واقعا. نتحدث هنا عن أمور مثل أخلاقيات قيادة السيارات، ونوعية القنوات والبرامج التي يشاهدها الواحد، وأسلوب الحديث، والممارسات, وصولا إلى احترام الصف والبحث عنه والوقوف فيه.
كثرة المنظرين الذين لا يطبقون ما يحاضرون به على الناس، دفعت بالصغار نحو تبني سلوكيات لا تمت للمجتمع الذي يعيشون فيه بصلة، رغم أن البعض قد يعزو ذلك للتأثير الحضاري والثقافي القادم من الغرب مع وسائل التواصل والإنترنت والأفلام وغيرها. قد يكون كثير من هذا صحيحا، لكن الفصام عندنا أكبر منه في أغلب دول العالم بسبب الدفع نحو حالة من الغربة في المجتمع الذي يعيش فيه بين النظريات والتطبيق.
يمر الواحد بعد ذلك بمراحل مختلفة يكون أصلها تأثير التباعد بين ما يشاهده ويسمعه من المواقف والحوارات، ليتحول هو الآخر إلى مكون ناشر للفصام الفكري والسلوكي. عندما نصل لهذه المرحلة يكون الجيل الجديد غير قادر على الفصل بين الواقع والنظرية اللذين يبدوان مختلفين أو حتى متعاكسين.
لا يفلح أي تبرير في إقناع الآخرين الذين ينتقدون السلوك الذي يتبعه المرء بعد كل هذه السنين، ليصبح التبرير الأكثر انتشارا بين الناس هو الكل يفعل ذلك، أو كل الناس كذا. عندها نعلم أن هناك تعديلا مهما لا بد أن يمارسه الشخص ليعود لحالة سوية يمكن أن يورثها أبناءه وبناته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي