قطاع الفنادق والشقق المفروشة .. أين السعوديون؟
قضيت إجازة منتصف الفصل الثاني قبل ثلاثة أسابيع بين مكة المكرمة والطائف، وكما هو معروف تحظى المدينتان بإقبال سياحي طوال العام لما تتمتعان به من مكانة دينية وإمكانات سياحية وطبيعية وهما منذ القدم تتكاملان فيما بينهما بحكم الموقع الجغرافي لتكونا مكانا فريدا، وإن كان ما تحقق لا يمثل طموحات مختصي السياحة والتنمية الاقتصادية، وهذا ليس موضوع مقالي، وإنما موضوعي هو ما لفت نظري وأنا أتنقل بين فندق وآخر هو غياب شبه تام للكوادر السعودية عن العمل في القطاع السياحي. تحتار وأنت تشاهد جميع الجنسيات الآسيوية والعربية والإفريقية تدير أهم الفنادق والشقق المفروشة ولا تجد سعوديا واحدا، في الوقت الذي تعد فيه مدينة "الطائف" على سبيل المثال واحدة من أكثر المدن التي تعاني ارتفاع نسبة البطالة كما تؤكد إحصاءات وزارة العمل، ويتجاوز عدد العاطلين فيها 17 ألف شاب وهو له علاقة مباشرة بارتفاع نسبة الجرائم التي أعلنتها وزارة الداخلية للعام الماضي في جميع المدن.
بينما تحتضن مدينة مكة المكرمة 490 فندقا وأكثر من 120 شقة مفروشة ويوجد فيها أكثر من سبعة آلاف شاب عاطل عن العمل غير العاطلات اللاتي يتجاوزن عشرات الآلاف في المدينتن.
مئات الفنادق والشقق المفروشة تزدحم بها شوارع الطائف وتزدحم بها مناطق المملكة الأخرى ولا يشكل السعوديون فيها إلا نسبا قليلة لا تذكر. من المسؤول عن هذا؟ وأين خطط وزارة العمل وأنظمتها ونطاقاتها الخضراء والحمراء والصفراء؟ أعجزت أن تسهم في توطين القطاع السياحي الذي يعد بالمقاييس العالمية أهم قطاع في توليد الفرص الوظيفية وصناعة التنمية بعد النفط؟
لقد تنقلت بين مجموعة فنادق وشقق وتقمصت دور المراقب من قريب، ووجدت أن معظم من يعمل بهذه القطاعات بلا مؤهلات ولا يحتاج المتابع إلى كثير من الذكاء فأداؤهم وتعاملهم مع العملاء يوحي لك أنك أمام عمالة غير محترفة وجدت نفسها في هذه المنشآت السياحية لتعمل كيف ما اتفق.
لقد تذكرت كثيرا من الخطوات التي قامت بها الهيئة العليا للسياحة في بداية تأسيسها وحماسها لتدريب الشباب وتوقيعها اتفاقيات مع "المؤسسة العامة للتدريب المهني" لتوطين القطاع السياحي وقصر العمل في الفنادق، والشقق، ووكالات السفر والسياحة، على السعوديين فقط ولا أعرف لماذا لم يتحقق شيء من هذا على أرض الواقع؟ خاصة أن الهيئة بشرت بمئات الآلاف من الوظائف السنوية وهو أمر متحقق في ظل الإحصائيات الحالية التي تؤكد أن هيئة السياحة تشرف على قرابة 3500 منشأة سياحية.
أما الأمر الآخر فهو أيضا: ما دور وزارة العمل وهي تواجه ارتفاعا متزايدا في نسبة البطالة؟