متخصصون: الحوار مع الأبناء.. ضرورة تربوية لتنمية الشخصية ونضوجها

متخصصون: الحوار مع الأبناء.. ضرورة تربوية لتنمية الشخصية ونضوجها

أكد متخصصون أثر انعدام الحوار الأسري بين الآباء والأبناء خاصة في سن الطفولة والمراهقة وانعكاسات التربية بأسلوب القمع والكبت وندائهم أو مخاطبتهم بألفاظ نابية كأسماء الحيوانات، على مستقبلهم الفكري والنفسي، مشيرين إلى أن ذلك ينتج شابا أو فتاه فاقدا للشعور بالأمان وذا شخصية مضطربة وغير متزنة.
وقال ناصر عطية الله الذبياني الإخصائي النفسي في مستشفى الصحة النفسية في المدينة المنورة، إن التربية التسلطية بأسلوب الكبت والقمع ينتج عنها جيل فاقد للشعور بالأمان وعدم الثقة بالنفس والخوف من الأب وقت حدوث المشكلة، ويسمى ذلك الخوف المؤقت ولا يمنعه من تكرار السلوك، كما ينتج عنه كره للأب والمدرس والمدرسة ويصبح غير قادر على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة ويصعب عليه تحمل المسؤوليات مستقبلا، بالإضافة إلى تدمير الحالة النفسية للطفل مع الوقت ومع تكرار تلك العبارات.
وأشار الذبياني إلى أن الطفل ينظر للأسرة بأنها قدوته فيقلدهم بكل شيء، وعندما يكبر قد يصبح عائقا لوالديه، ويتلفظ بنفس الألفاظ التي سمعها في طفولته، كما ينتج عن ذلك نفور الأصدقاء والابتعاد عنه بسبب اكتسابه هذه الألفاظ، وقد لا يستطيع التحكم في نفسه أمام الناس حتى إن حاول أن يسيطر عليها فقد تخرج كلمات نابية منه.
وأوضح أن الطفل قد يكون عنيفا في المستقبل ضد نفسه أو الآخرين، وربما تظهر عليه أعراض الحزن والضيق والطفش والملل والقلق والتوتر وفي حال واجهته أي مشكلة لا يستطيع أن يبوح بها لوالده خوفا منه، ويضطر أن يلجأ لأصدقاء السوء.
ولعلاج ذلك أشار الذبياني إلى أنه يتوجب على الأب إذا صدرت منه عبارات نابية الاعتذار للطفل أو المراهق وإعطائه وعد بعدم تكرارها، وألا يقول هذه الكلمات للطفل أو المراهق أمام الأسرة أو زملائه، ومحاسبة الأب نفسه عند إلقاء هذه الكلمات حتى لا تتكرر واللجوء لأصحاب التخصص في التربية وعلم النفس لمعرفة مدى آثار هذه الكلمات على الطفل مستقبلا.
ونصح الآباء والأمهات بضرورة مراجعة إخصائي نفسي في حال أصبحت تلك العبارات عادة عندهم، ليساعدهم على التوقف عنها، وتبديلها بكلمات محببة للطفل ليعيد له ثقته بنفسه وما تراكم عليها من مشاكل نفسية، مؤكدا أهمية الاقتداء بالرسول محمد- عليه أفضل الصلاة والسلام- القائل "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
من جانبها، أشارت الدكتورة نبيهة الأهدل أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة طيبة المستشارة والمدربة المعتمدة من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني إلى أن الحوار الأسري مهم في بناء شخصية الأبناء ونضوجها وصلاحها، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه بالحوار نستطيع أن نبني العقلية والجانب الخلقي والناحية النفسية، إضافة إلى أن الإنصات لأفكارهم، سواء كانت أفكارا سلبية أو إيجابية، يساهم في إضعاف الجانب السلبي بل زواله ونضوج وثبات الإيجابي وتعزيزه لدى الأبناء.
ولفتت إلى أن الحوار والاتصال الأسري يكون فاعلا، كما نعلم، حينما يقرب بين وجهات النظر لدى أفراد الأسرة الواحدة ويزيل كثيرا من الملابسات في الفهم، وإن كانت هناك بعض الشبهات بين الأبناء، فإن الحوار يزيل تلك الشبهات ويضعفها، إن لم يزيلها تماما فكما يقال إن الحوار هو تلاقح للعقول.
وفيما يتعلق بأسباب انعدام الحوار الأسري، أشارت إلى أنها كثيرة منها أسباب نفسية، حيث إن هناك من الآباء من اتخذوا منهج الأسلوب السلطوي في التعامل داخل أفراد الأسرة ومع أبنائهم، فالحوار يكون دائما من طرف واحد عبارة عن أوامر واستجابات وهكذا تصبح شخصيات الأبناء ضعيفة مهزوزة لا يمكن الاعتماد عليها.
وأوضحت الدكتورة الأهدل أن الكبت والضرب أو التعنيف، سواء تعنيفا لفظيا أو تعنيفا سلوكيا ينتج أبناء ضعفاء الشخصية بفكر غير متزن ومضطرب.
من جهته، قال المواطن خالد العامر: إن التربية مسؤولية مشتركة بين الوالدين، ولا يمكن أن ينشأ الأبناء بشخصية متزنة وسليمة من كل الجوانب في حال كان أحدهما يتعامل معهم بأسلوب متسلط مبني على الأوامر والنواهي دون نقاش، موضحا أن بعض الأسر يكون أحد الوالدين مثقفاً وقريبا من الأبناء، بينما الأخر يتعامل معهم بعنف لفظي وبدني، ما يولد لدى الأبناء الانتماء والولاء لأحدهما وربما كره الآخر.
وأضاف أن على الآباء والأمهات أن يحتوا أبناءهم ويمنحوهم الأمان النفسي والفكري بالإنصات لهم والتحاور معهم قبل أن يكبر الابن ويصعب علاج حالته حينها.

الأكثر قراءة