التعلم من الأخطاء وتخطي المخاطر .. كيف تختبر نفسك؟
قد ينعكس الفشل وخوض غمار المخاطر إيجابا على مسيرتك المهنية، ولكن يجب أن تكون متأكدا أن يلاحظ الآخرون ذلك.
اختبر ريتشارد برانسون الرئيس التنفيذي لشركة فيرجن خلال حياته المهنية وعلى مدار 48 عاما، عديدا من الإخفاقات والنجاحات، ابتداء من بداية مشواره كصاحب صحيفة طلابية صغيرة، إلى كونه رئيسا لمجموعة من الشركات متعددة الجنسيات تضم أكثر من 400 شركة. معترفا أن القرارات السيئة التي اتخذها في كل مرة، سواء بدخوله مجال مستحضرات التجميل أو سوق الـ"كولا" كانت بمنزلة درسا قيما له. حيث وصف محاولته الفاشلة لخرق الاحتكار الثنائي لكل من شركة بيبسي وكوكاكولا قائلا "لن أكرر هذا الخطأ مرة ثانية بأن أعتقد أن الشركات الكبرى المهيمنة على السوق غافلة عما يجري".
فالتعلم من الأخطاء سمة من سمات القيادة الناجحة. وفي الواقع، فإن النظر إلى طريقة استجابة التنفيذي للفشل يعطي فكرة أوضح عن قدرته على تحمل أعباء القيادة أكثر من نجاحاته. فالقادة العظام يتعلمون من أخطائهم. فهم يدركون بسرعة الأخطاء التي اقترفوها ويملكون القدرة على تقييم الموقف بكفاءة عالية لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل تداعي الموقف.
يستعد أشخاص بمستوى أداء "برانسون" في بداية حياتهم المهنية إلى تولي مناصب أو تحديات من شأنها أن تكون عرضة للفشل. فخروجهم من منطقة الأمان الخاصة بهم سواء من الناحية الجغرافية أو من خلال تبني تقنية أو إجراء جديد، يعرضهم لمواجهة المخاطر بلا شك، ولكن ذلك من شأنه أن يفتح أمامهم في الوقت ذاته آفاقا جديدة للنمو وفرصا لتطوير قدراتهم القيادية. أشار جيل هيلاري أستاذ المحاسبة والرقابة، وأستاذ كرسي في حوكمة الشركات والاستراتيجية في كلية إنسياد من مبادلة في المؤتمر العالمي لرواد الأعمال الذي أقيم في أبوظبي، إلى أن القدرة على التعلم وتخطي المخاطر تقل عندما تضع نفسك باستمرار في مواقف تقل فيها احتمالات تعرضك للمخاطر.
وبطبيعة الحال، يجب توخي الحذر عند المخاطرة وعليك اتباع استراتيجية معينة بهذا الخصوص، فالمخاطرة يجب أن تكون محسوبة وعليك تجنب الفشل الكارثي الذي بإمكانه تدميرك. "فعندما تتراجع، احرص أن يدرك الناس أنك تعلمت دروسا قيمة".
يعتبر تحمل المسؤولية الخطوة الأولى من تحول الأخطاء إلى فرص، وفي كثير من الأحيان، يحاول المديرون إيجاد أشخاص آخرين لإلقاء اللوم عليهم عندما تسير المشاريع أو الأفكار عكس ما هو مخطط لها. في حين يعترف القادة الحقيقيون بأخطائهم.
تعترف هيلاري أن ذلك أمر من الصعب القيام به، فالناس بطبعهم يميلون إلى إلقاء اللوم على الآخرين في حين ينسبون الأداء المتميز لجهودهم الشخصية. حيث يظهر التنفيذيون استعدادهم لتجربة أشياء جديدة من خلال تقبلهم لأخطائهم. فهم قادرون على الاستفادة من الدروس السابقة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرارها مرة أخرى. وبهذه الطريقة يكونون قادرين على تحويل هذه الأخطاء لشيء إيجابي، وإظهار ما يستطيع القياديون فعله. تشير هيلاري إلى أنه ليس كافيا أن تكون في الصدارة في عملك الحالي لضمان حصولك على ترقية وظيفية أو نجاح مهني، بل قد يكون ذلك عائقا أمامك. فالأداء القوي قد يعتبر مؤشرا على الإفراط في الثقة. أظهرت أبحاثنا أن الأداء القوي في السابق، قد يكون في الواقع مؤشرا سلبيا على طبيعة الأداء المستقبلي، والأسواق المالية خير مثال على ذلك. لذا يجب على التنفيذيين إظهار قابليتهم على التكيف مع الأوضاع الجديدة والتغلب على الصعوبات إذا ما رغبوا في تولي مناصب عليا. يشير جوناثان هومز المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط في شركة كورن فيري العالمية خلال مناقشة المسار الوظيفي للتنفيذيين في المؤتمر الذي عقد في أبوظبي، إلى أن القدرة على التعلم هي ما يميز القياديين، وبناء عليه يتم ترشيحهم لاستلام مناصب عليا بصرف النظر عن الأداء العالي لزملائهم في العمل: "تتم ترقية كبار التنفيذيين ليس بناء على نجاحاتهم السابقة، ولكن على قابليتهم للتعلم. من السهل تقييم ذلك. فهناك نوعان من السمات: الأولى هي الوعي الذاتي الذي يمكنك من التفكير بطريقة أفضل لتحسين أدائك، والثانية هي قدرتك على الاستجابة للتغيير في مواقف مختلفة".
وكما أشار رجل الأعمال بيل جيتس ذات مرة: "النجاح مدرس رديء. فهو يغوي الأشخاص الأذكياء إلى الاعتقاد بأنهم لن يخسروا". لذا فالدرس بسيط كي تكون قياديا، فقط اترك العنان لنفسك، ولا تخجل من تحمل المسؤولية، ارتكب الأخطاء، وتعلم من أخطائك، فهذه هي الطريقة الوحيدة لاختبار نفسك.