كيف تشفى من مرض «الكمالية» أو فرط الإتقان؟
البحث عن الكمال "الكمالية" هو كفاح الفرد لبلوغ الكمال عبر وضع معايير عالية جدا للأداء لا يصل إليها أحد. وعندما لا يستطيع الكماليون تحقيق أهدافهم يدخلون في دوامة الكآبة والإحباط. ويهتم الكماليون كثيرا بتقييمات الآخرين، وينشدون المثالية التعجيزية. ويدفع بحث هؤلاء عن الكمال المفقود في أحيان كثيرة إلى التردد والتوقف طويلا في مشاريعهم وقراراتهم وأعمالهم. فلا يكملون ولا يكتملون. لا أحد كاملا سوى الرحمن. تشبث بأهدافك، لكن لا تدع هذا الخيط الرفيع الذي يصلك بغاياتك ينقطع إثر المبالغة في الإمساك به. تعامل مع طموحاتك برفق، فهي كالمرأة تحتاج إلى لطف وأناقة وأناة وصبر ومرونة لتسعدها وتسعدك.
قبل أن نبحث معا عن حلول لمشكلات الباحثين عن الكمال، دعوني أن أسأل نفسي وأسألكم بعض الأسئلة التي قد تخبرنا إجاباتها عن أننا مصابون بأعراض "الكمالية":
1. هل تواجه صعوبة في تلبية معاييرك الخاصة؟
2. هل تغرق دائما في بحر الإحباط والاكتئاب والغضب والقلق عندما لا تبلغ مبتغاك؟
3. هل قيل لك إن معاييرك عالية جدا، وتسببت في تعطيل وتأجيل مشاريعك أو أعمال زملائك؟
4. هل معاييرك وقفت في طريقك، وجعلت تحقيق بعض أهدافك مهمة مستحيلة؟
5. هل معاييرك تجعلك لا تلتزم بالتزاماتك تجاه شركائك في العمل؟
إذا أجبت بنعم عن أي من الأسئلة السابقة فلديك أحد أعراض "الكمالية" شفانا الله وإياك منها.
وسأطرح هنا أمثلة للتفكير "الكمالي":
1. التفكير بالأسود والأبيض. مثلا، أي شيء أقل من الكمال يعده الكماليون فشلا، متناسين أن هناك ألوانا قد تعجبنا أكثر من هذين اللونين.
2. التفكير الكارثي: أي خطأ قد أقع فيه أمام زملائي يعني نهايتي.
3. التفكير السلبي: الوقت لا يكفي لتقديم عرض وعمل يليق. فمهما منح الكمالي من الوقت للقيام بهذا العمل فسيظل الوقت قصيرا سواء كان يوما أو أسبوعا أو حتى شهرا.
4. الحذر المفرط: مراجعة النص الذي نكتبه مرارا وتكرارا حتى اللحظة الأخيرة أو ربما لا نلتزم بالإيفاء بالتزامنا بسبب كمال لن نبلغه.
5. الإعادة المزمنة: نعيد كل شيء غير مرة. نصرف أوقاتا طويلة في عمل واحد.
كيف تصبح واقعيا. هناك عبارات نرددها وسلوكيات نكرسها في حياتنا ستجعلنا نمضي ونتعلم ونتجاوز الكمالية التي تتربص بأحلامنا ريب المنون، ومن بين هذه العبارات التي يجب أن ترافقنا دائما:
1. لا أحد كاملا.
2. لقد قمت بقصارى جهدي.
3. لا بأس إذا لم يحبني الجميع. لا يوجد شخص يتفق عليه الجميع.
4. إن ارتكاب الأخطاء جزء من التعلم. واسم الدلع للخطأ هو "الخبرة".