منازعات التمويل ومخالفاته .. ومهمة القضاء

بعد أن تم إقرار أنظمة التمويل، ولأن مجموعة أنظمة التمويل تحكم نشاطا ضخما وتضع ضوابط وقواعد قانونية، كما أن هناك مخالفات يجب تجنبها تفاديا للعقوبات المنصوص عليها في أنظمة التمويل، إضافة إلى أن السلطة التنظيمية لم ترغب في زيادة أعباء المحاكم العامة، فقد قررت إنشاء لجان قانونية لغرض الفصل في الدعاوى والمنازعات والقضايا والمخالفات الناشئة عن تطبيق أنظمة التمويل.
لقد تم إقرار الأنظمة المتعلقة بالتمويل وإنشاء لجنة تتألف من درجتي تقاض ابتدائية واستئنافية. تختص اللجنة الابتدائية بالفصل في المخالفات والمنازعات ودعاوى الحق العام والخاص الناشئة من تطبيق أحكام نظام مراقبة شركات التمويل وأحكام نظام الإيجار التمويلي ولائحتيهما والقواعد والتعليمات الخاصة بهما وكذلك الفصل في تظلمات ذوي المصلحة من قرارات مؤسسة النقد العربي السعودي ذات الصلة، بحيث يجوز الاعتراض على قراراتها خلال 30 يوما من تاريخ التبليغ وإلا كانت القرارات نهائية غير قابلة للطعن أمام أي جهة أخرى.
وسوف تختص اللجنة الاستئنافية بالفصل في الاعتراضات المقدمة ضد قرارات لجنة الفصل في المخالفات والمنازعات التمويلية بحيث تصدر قراراتها بالأغلبية وتكون نهائية غير قابلة للطعن أمام أي جهة أخرى.
إن لجنة الفصل في منازعات التمويل ستضيف إلى نشاط التمويل الثقة بالتعاملات بين الأطراف، وتعطي العلاقات التعاقدية القوة في ضمان الحقوق وتنفيذ الالتزامات والدقة في تطبيق الأنظمة التمويلية، حيث توجد جهة رسمية ذات صلاحية إشرافية على هذا النشاط تقوم باتخاذ القرارات العملية التي تضمن تحقيق الهدف من أنظمة التمويل، في حين تتولى لجنة الفصل في منازعات ومخالفات التمويل الحكم بين الخصوم في علاقاتهم ومخالفاتهم، إضافة إلى الفصل في الاعتراضات على قرارات الجهة الإدارية وهي مؤسسة النقد العربي السعودي.
لقد بدأت شركات التمويل فعليا في ممارسة أنشطتها وأصبح هناك شركات متخصصة في التمويل العقاري للأراضي والمنازل، إضافة إلى قطاع التمويل للعملاء في شراء السيارات وغيرها من المنقولات سواء للأفراد أو المؤسسات أو الشركات التي تمارس أنشطة مختلفة في السوق المحلية.
من المؤمل أن يتحقق وعد وزير العدل ببدء عمل المحاكم المتخصّصة في المدن الرئيسة، ومنها المحاكم التجارية والعمالية والأحوال الشخصية، حيث ستتحقق قفزة كبيرة في أداء القضاء وجودة الأحكام، مع عمق التخصص الفقهي في الأحكام والخبرة العملية في إنهاء القضايا صلحا، واختصار الطريق على المتخاصمين، وتوفير العدالة السريعة التي هي مطلب للجميع، بعد أن تجاوز المتوسط الزمني للفصل في القضايا كل المدد المتوقعة، وفي أسوأ الظروف الإدارية رغم تحديث القوانين والإجراءات والمرافعات.
إن توفير الكوادر البشرية من القضاة وكتاب العدل والموظفين للقيام بالأعمال القضائية في المحاكم وكتابات العدل لن يكون عسيرا في ظل وجود عدد من كليات الشريعة وأقسام الحقوق والشهادات المعادلة التي تتوافر لدى شبابنا السعودي، كما أن توافر الموازنة العامة الضخمة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء عموما، هي أكبر دعم للقضاء كي يواكب المتغيرات التي تفرض التحديث وإعادة الهيكلة وتطبيق أنظمة تقنية حديثة لنظم المعلومات، وجمع وتوثيق المعلومات والبيانات والإحصائيات والوثائق، والاستفادة منها في إجراء الدراسات والبحوث، ووضع الخطط والبرامج لتحسين العمل وتنظيمه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي