حوكمة القطاع العام أولى خطوات إصلاح الاقتصاد
ظهر لنا في الأسبوع الماضي تقرير شركة ماكينزي الشركة العريقة في مجال الدراسات والاستشارات الاقتصادية والاستشرافية التي قدمت دراسة معمقة عن الاقتصاد السعودي عنونتها بـ SAUDI ARABIA BEYOND OIL: THE INVESTMENT AND PRODUCTIVITY TRANSFORMATION، والتي ركزت في نتائجها على التحول الاقتصادي وتعزيز الإنتاجية والاستثمار لما بعد النفط. وقد تناول الحديث عن هذا التقرير عديد من الاقتصاديين المتخصصين. التقرير لم يحو كثيرا من الأمور الجديدة، بل إنه أكد على كثير من الموضوعات التي يتم تناولها في الدراسات والصحف والبرامج الاقتصادية والمطالبة بتسريع إصلاحات اقتصادية تعزز الاستثمار وفاعلية الأداء لتخفيف العبء من ظاهرة الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيس للمملكة على مر عقود طويلة. والحقيقة المؤكدة أن المملكة بدأت فعليا في تنفيذ برامجها الإصلاحية الخاصة بتعزيز الاعتماد على الاقتصادات المنتجة المساندة لتنويع مصادر الداخل وتخفيف الاعتماد على منتج النفط الذي يتعرض لحرب شرسة في هذه الأيام من أجل الضغط على السوق، وتوفير مصادر بديلة للطاقة قد تؤدي بالنفط في يوم من الأيام إلى أن يصبح سلعة غير مطلوبة. تحقيق فاعلية في الاستثمارات وفتح مجالات الاستثمار داخليا وللمستثمر الخارجي يتطلب وجود بيئة راعية ومرنة توفر الأمان لرؤوس الأموال القادمة، وتقلل من نسب المخاطرة عليها. لن تتوافر هذه البيئة إلا من خلال نظام حوكمة فعال مسنود بأدوات توفر الاستقرار والأمان يأتي في مقدمتها نظام قضائي يعمل بكفاءة عالية ويسهم في إيجاد القيمة المضافة.
زيادة الإنتاجية في القطاع العام أو القطاع الخاص يتطلب وجود نظام للحوكمة يسهم في تعزيز الشفافية وتطبيق أعلى مستويات الاستقلالية بين الوظائف وتضييق الفرص لاستشراء الممارسات غير الأخلاقية والفساد، مع وجود مؤشرات لقياس الأداء واستكشاف لأسباب الانحرافات ومساءلة المقصرين.
التحول الاقتصادي من نموذج الاعتماد الكلي على منتج وحيد يتعرض لهجمات شرسة من كل الاتجاهات، إلى اقتصاد متنوع ومنتج يتطلب فعليا وجود محفزات ودعم فعال قائم على نظام الحوكمة وهو المرتكز الأساس للإصلاح الاقتصادي في القطاعين العام والخاص.
الاعتراف بضعف وعدم فاعلية البيئة المحيطة بالاقتصاد المحلي هو أولى الخطوات للإصلاح، وتحسين بيئة الاقتصاد بتطبيق أنظمة حوكمة فاعلة لإيجاد فرص استثمارية مستقبلية بعيدا عن الاتكالية وعدم الفاعلية في المخرجات الاقتصادية المحلية، من أجل مستقبل مشرق لأجيالنا ومن أجل مكانة المملكة العالية.