ديكسون: العرضة تتسم بالرصانة
المعتمد السياسي البريطاني في الكويت هارولد ديكسون (1881- 1959)، حضر حفلة عرضة في الكويت، فوصفها في كتابه "عرب الصحراء" وصفا مطولا، لعل أوفى ما كتب مستشرق عن العرضة، نختار منه هذه الفقرات:
"رقصة العرضة تبقى كما هي لا تتغير ما عدا بعض التنويعات الطفيفة التي تناسب أذواق الراقصين المختلفة. والإشارة المستخدمة لبدء العرضة هي عبارة عن علم كبير من أعلام الكويت يثبت في الأرض ليتجمع حوله الناس. وبالقرب من هذا العلم يقف مجموعة من الرجال يحملون الطبول والدفوف. ويبدأ الرجال بقرع الطبول بانسجام مستخدمين قطعة مسطّحة من الخشب القاسي أو العظم في حين يقرع الدف باليد. وفي الحال يتجمع الناس من حولهم وكذلك الرجال الذي يودون الاشتراك في الرقص ويكون نصفهم من حملة السيوف والنصف الآخر من حملة البنادق، وسرعان ما يصطف هؤلاء الرجال ويأخذ كل منهم مكانه في الدائرة الواسعة التي يشكلونها حول العلم، ثم يدخل المغنون أو المرددون إلى وسط الدائرة ويتكون هؤلاء من صفين في كل منهما 30 رجلا يواجه أحدهم الآخر في نهايات الحلقة المتقابلة. وأخيرا يأتي رجال البارود الذي يحشون بنادقهم من الفوهة بالبارود الأسود ويطلقونها على الأرض أثناء دوران الرقص. ولدى انتهاء الاستعداد للرقص يقوم أحدهم بإشعال نار في وسط الحلقة لتسخين الرق وشده عندما يرتخي، ثم إن فريقي المرددين يأخذان أماكنهما متقابلين بأذرع متشابكة ويفصل بينهما مسافة تقدر بـ 70 قدما ثم يبدأون أناشيدهم الرتيبة وهم يطوحون أجسامهم من جانب إلى آخر أثناء الغناء دون أن يتحركوا من أماكنهم. ولفرقة المرددين هذه رئيس يقوم بتوجيه الغناء والذي يتحرك الآن بعصبية من مجموعة إلى أخرى ليرشدهم إلى ما يغنون من أبيات (والتي يقوم هو نفسه بتأليفها)، ثم ينتقل إلى فريق المرددين الثاني ويخبرهم بماذا يجيبون، ويغير هذا الرئيس الأناشيد كل خمس دقائق تقريبا. وعندما يبدأ المرددون الغناء بصوت عميق يأخذ حملة السيوف وحملة البنادق الذين يبلغ عددهم في العادة من 40 إلى 50 رجلا بالسير على نحو دائري حول الحلقة وبإيقاع بطيء يمكنهم من مرافقة الغناء وقرع الطبول بانسجام" ويمضي ديكسون في حديثه عن العرضة إلى أن يقول: "وكانت هذه العرضات تتسم من أولها إلى آخرها بالرصانة والاحتشام والبعد عن الخفة والابتذال، وكانت حركات الرجال بطيئة ومتلوية دون إسفاف أو سوقية، كما أن سلوك المتفرجات من النساء كان هادئا ولائقا كل اللياقة. والرقصة في الأصل رقصة حربية والأناشيد المرافقة لها هي عبارة عن مديح لحكام البلاد أو تمجيد لبطولات الرجال الشجعان.