النطاق الأخضر .. في تنفيذ المشاريع
في بعض مطارات العالم تجد أمامك بعد إنهاء إجراءات القدوم مسارين: أحدهما أخضر، والآخر أحمر، فإن كان لديك ما يجب أن تعلنه سلكت المسار الثاني، وإلا فإن المسار الأول يوصلك إلى خارج ساحة الجمارك من دون أن تقف أو تتعرض للتفتيش، وكان في هذه الإجراءات تعزيز للثقة بالإنسان، لكن أحداث الإرهاب المتزايدة ستقضي على ما تبقى من القيم ومنها ثقة الناس ببعضهم، والتعامل بالصدق والأمانة فيما بينهم .. وبعيدا عن المطارات وألوانها أقول إن مشروع نطاقات الذي أدخلته وزارة العمل إلى حياتنا قد اختلفت حوله الآراء، فمن قائل إنه قد ضبط إصدار التأشيرات، وأتاح فرص العمل للمواطن.. إلى من يقول إن الاستقدام قد زادت وتيرته، وأن أعداد العمالة الأجنبية في زيادة ، ولست هنا في مجال الحكم على هذه الأقوال المتضادة، لكنني فقط أود أن أقول إن نظام النطاقين الأخضر والأحمر يجب أن يمتد ليشمل كل من يتعامل مع الجهات الحكومية، ونذكر هنا بالذات من ينفذ المشروعات؛ حيث الضرر ظاهر، والغش واضح في مشروعات تصريف السيول في مدننا دون استثناء، فلم يعد الأمر مقصورا على مدينة جدة، وإنما امتد إلى الرياض وبريدة، وربما غيرهما من المدن التي لم يختبرها المطر (وهو الخبير الصادق) لأيام متتالية، ولقد أعجبني اقتراح صديق عزيز بأن أكتب حوارا افتراضيا مع السيد (مطر)؛ لأجد كم هو عاتب علينا، فنحن نصلي إن تأخر قدومه، ثم نرفع أصواتنا وتخط أقلامنا الشكوى حينما يأتي فتغرق به المدن، مع أن التقصير من جهاتنا المشرفة والمراقبة ومقاولنا المنفذ، ويختتم السيد (مطر) عتابه بالقول: أنا أهطل باستمرار على مدن عديدة في العالم، فلا أجد هذه الشكوى، ولم تعلق الدراسة يوما في مدارس لندن أو باريس مثلا!
وعودة إلى موضوعي الأساسي وهو مشروع النطاقين الأخضر والأحمر، لأقول إن هذا النظام بلا تشهير وإشهار لن تكون له فائدة كبيرة، فالتشهير لمن هم في النطاق الأحمر ممن قصر في تطبيق الأنظمة والشروط المطلوبة منه ستجعله مقاطعا من الجميع، والإشهار أي التشجيع لمن هو في النطاق الأخضر؛ أي من التزم بالأنظمة ونفذ المشروعات والأعمال الموكلة إليه على أكمل وجه سيرفع رأسه أمام الجميع، ولتبدأ الجهات المختصة بالشركات المنفذة لمشروعات تصريف السيول بإعلان أسمائها والتحقيق مع المقصر منها.
وأخيرا: تحية لمصلحة الجمارك السعودية التي كما ورد في خبر نشر يوم الخميس الماضي في هذه الجريدة (تتجه إلى اتباع منهجية جديدة في التعامل مع التجار المستوردين عبر تقسيمهم إلى نطاقات من حيث التسهيلات لمعاملاتهم)، بحيث يتم التعامل مع حاويات التجار الذين لم تسجل عليهم أي مخالفات ضمن القائمة الخضراء من الباخرة إلى البوابة بدون تأخير، ومع حساسية عمل الجمارك فإن خطوة مثل هذه مع الحذر الشديد من شأنها تشجيع التجار على التقيد بالأنظمة والتعليمات لتفادي التأخير في فسح بضائعهم، وينسحب ذلك على المتعاملين مع الجهات الحكومية بصورة عامة.