العمل .. ومراكز ضيافة الأطفال الأهلية

تهيئة البيئة المناسبة للعاملين والعاملات من أهم محفزات الإنجاز والاستقرار، وبالأخص إذا كانت هذه البيئة ذات علاقة بالأم العاملة مع أطفالها. يعمل في مجال التعليم العام أكثر من 300 ألف سيدة، وعدد ليس بالقليل منهن يحتاج إلى توفير حضانة لأطفالهن خلال وقت العمل الرسمي. وزارة التعليم ليس من واجبها توفير الحضانات كجزء من البيئة المدرسية، ومع ذلك فقد أصدرت الوزارة ممثلة في الوزير الدكتور عزام الدخيل قرارا يقضي بافتتاح حضانات في الروضات ومدارس البنات الحكومية والأهلية والأجنبية، رغبة في تحقيق زيادة إنتاجية المعلمات من خلال تهيئة البيئة المحيطة والملائمة لهن للاطمئنان على أطفالهن. الجميع رحب بهذه المبادرة من الوزارة حيث إنها أتت كهدية قبل بداية العام الدراسي للأمهات للاطمئنان على أطفالهن، وحمايتهم من الأيدي الغريبة التي كانت تتولى تدبير شؤونهم، وقد تصل فيها الاعتداءات لحد القتل أو التعذيب والتعنيف الجسدي والنفسي.
الأمر الصادم هو ما نشرته صحيفة الحياة في عددها ليوم السابع من أكتوبر 2015 والمتضمن رفض وزارة الشؤون الاجتماعية قرار وزير التعليم فتح دور للحضانة داخل مدارس البنات معللة رفضها بأن «الحضانات تعتبر دور إيواء، وخاضعة لمسؤوليات وزارة الشؤون الاجتماعية». الحقيقة أن المطلع على مبررات الرفض يصاب بصدمة نفسية للمستوى الذي تفكر به وزارة من أعرق الوزارات وأكثرها ارتباطا بشؤون المواطنين بكل طبقاتهم.
لا شك أن الأمر فيه ضعف في فهم وإدراك محتوى قرار وزير التعليم، وقد يصل بك الحال – عزيزي القارئ – لدرجة أن تتعجب من مستوى تعليم من قام بهذا الرفض، وعلى أي الأسباب المنطقية بنيت هذه المعارضة. خصوصا إذا ما عرفنا أن عدد مدارس البنات فقط يتجاوز 18 ألف مدرسة، دون احتساب لعدد الكليات والمعاهد التعليمية. وأن من أهم المعوقات التي قد تواجه أداء المعلمات هو غياب توفير بدائل صحية ومناسبة لرعاية أطفالهن في مقار قريبة من مواقع عملهن. الأمر الغريب الآخر أن وزارة الشؤون الاجتماعية تملك تنظيما لما يعرف بمراكز ضيافة الأطفال الأهلية. يذكر التنظيم أنه "فيما عدا المراكز المملوكة لجهات اعتبارية ..."، هذا يعني أن من حق الجهات الاعتبارية "كوزارة التعليم، والجامعات" أن تقيم مثل هذه المراكز لتقديم "برامج الرعاية، والأنشطة التربوية الموجهة والترفيهية بما يتناسب مع الخصائص النمائية لكل مرحلة عمرية..."، كما ينص التنظيم على "قبول الأطفال حديثي الولادة، وحتى العاشرة من العمر خلال مدة انشغال الأسرة بالأعمال الرسمية أو الخاصة ... من الساعة السادسة صباحا وحتى العاشرة ليلا..."، ويمكن الاطلاع على هذا التنظيم المحكم والرائع من خلال الرابط التالي (http://goo.gl/zVaSi0).
السماح للمدارس والجامعات بتأسيس شركات بالتعاون مع مؤسسات التمويل لتشغيل المواطنات في هذه المراكز سيوفر فرص عمل لعدد قد يتجاوز 100 ألف سيدة، إذا افترضنا أن كل مركز سيستوعب خمس موظفات. وسيسهم في حل مشكلة ترك الأطفال مع الخادمات والمساوئ المترتبة على ذلك، كما أنه سيؤدي إلى زيادة إنتاجية المعلمات وتخفيف العبء النفسي عليهن تجاه أطفالهن. كل ما نريده هو فهم للغرض من هذه الدور، أو المراكز، أو الحضانات والتخلي عن مبدأ الفهم من مصدر وحيد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي