ابن عنين وحمامة خوارزم

ابن عنين وحمامة خوارزم

أبو المحاسن محمد بن نصر بن الحسين بن عنين الأنصاري، الملقب شرف الدين (549 - 630هـ)، الكوفي الأصل الدمشقي المولد، شاعر فحل مبدع مشهور، يعده النقاد أفضل شعراء زمانه. ولم يكن شعره مع جودته مقصورا على أسلوب واحد بل تفنن فيه، وكان غزير المادة من الأدب مطلعا على معظم أشعار العرب، وكان مولعا بالهجاء وثلب أعراض الناس، وله قصيدة طويلة جمع فيها خلقا من رؤساء دمشق سماها "مقراض الأعراض". ونفاه السلطان صلاح الدين الأيوبي من دمشق بسبب وقوعه في الناس، فلما خرج قال:

فعلام أبعدتم أخا ثقة
لم يجترم ذنبا ولا سرقا
انفوا المؤذن من بلادكم
إن كان ينفى كل من صدقا
ولما كان ابن عنين بخوارزم حضر يوما درس الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي المعروف بابن خطيب الري، وكان يوما باردا سقط فيه الثلج، فبينما الشيخ يلقي الدرس إذ سقطت حمامة بالقرب منه ووراءها طير من الجوارح يطاردها، فلما صارت بين الناس خاف الجارح وطار، ولم تقدر الحمامة على النهوض مما لحقها من الخوف والبرد، فرق لها الإمام فخر الدين وأخذها بيده وحنى عليها، فأنشده ابن عنين مرتجلا:

يا ابن الكرام المطعمين إذا اشتووا
في يوم مسغبة وثلج خاشف
العاصمين إذا النفوس تطايرت
بين الصوارم والوشيج الراعف
من نبأ الورقاء أن محلكم
حرم وأنك ملجأ للخائف
وفدت عليك وقد تدانى حتفها
فحبوتها ببقائها المستأنف
لو أنها تحبى بمال لانثنت
من راحتيك بنائل متضاعف
جاءت سليمان الزمان بشكوها والموت يلمع من جناحي خاطف
قرم يطاردها فلما استأمنت
بجنابه ولى بقلب واجف

الأكثر قراءة