ما بين الوطن والمواطنة والوطنية يقف المواطن
بمناسبة اليوم الوطني، لا بد أن نحتفل ونفتخر بهذا الكيان (المملكة العربية السعودية)، وندعو بالرحمة والمغفرة وخير الجزاء للمؤسس الملك عبدالعزيز الذي لمّ شمل القبائل في شمال المملكة وجنوبها، ووحد المدن والقرى والبوادي المتباعدة في أرجائها كافة، لتكون لبنات متراصة في بنيان متماسك يقوم على الدين والعدالة والمساواة.
ماذا يعني الوطن؟ وماذا تعني المواطنة؟ وماذا تعني الوطنية؟ لا شك أن هناك تداخلاً بينها في المعاني والمضامين، ولكن لا أحد يختلف بأن "الوطن" هو الأرض والبيئة الطبيعية والناس والتراث والقيم والعادات والتاريخ والنظم السياسية والموارد الاقتصادية، في حين أن "المواطنة" هي العلاقة أو الانتماء القانوني لوطن معين بمفهومه الشامل للحقوق والواجبات، بينما تعرف "الوطنية" بأنها الشعور الصادق بالانتماء القوي والولاء المخلص للوطن وللقيادة السياسية لدرجة التضحية في سبيله والاستعداد للدفاع عنه. والفرق بين مفهومي المواطنة والوطنية يكمن في أن الأول يعني حالة أو انتماء قانونياً يكتسبه الإنسان بحكم جنسيته أو ولادته، والثاني يُعرف بأنه شعور تجاه الوطن يترجم ليس بالأقوال فقط، وإنما بالأفعال المتمثلة في الدفاع عن الوطن والمشاركة في تنميته وتطويره والحفاظ عليه. فهناك من يحمل الجنسية، ولكنه يفتقر إلى الوطنية أو يعاني ضعفها!
والمواطنة ترتكز على أربعة مرتكزات، هي: الأول، الانتماء والولاء للوطن والقيادة، والثاني حقوق المواطن التي تشمل الحفاظ على الروح، والمال، والدين، وتوفير الخدمات التعليمية، والرعاية الصحية، والخدمات الأساسية، والحرية والعدالة والمساواة، والثالث يتمثل في واجبات المواطن مثل احترام الأنظمة، والدفاع عن الوطن، والحفاظ على الممتلكات والمرافق العامة ونحوها، والرابع هو المشاركة الفاعلة في الأنشطة والفعاليات السياسية والاجتماعية بما يخدم مصلحة الوطن ويرفع من شأنه.
بعد هذه المقدمة، أطرح التساؤل المهم: هل فكرت – أيها المواطن الكريم – وتساءلت يوماً عما يمكن أن تقدم للوطن؟ في الحقيقة، هناك كثير من الأفعال والأعمال والخدمات التي يمكن للمواطن أن يقدمها لوطنه، لكي يكون مواطناً صالحاً وفاعلاً بكل معاني الكلمة، بصرف النظر عن عمره، وجنسه، ومستوى تعليمه، وإمكاناته المادية، ومنها، أولاً: العمل على خدمة الوطن وحماية مصالحه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب،ـ ومحاربة الغش والاحتيال بالسبل النظامية والقانونية، وليس بأخذ القانون باليد. وثانياً، الإخلاص في أداء العمل، والنصح، والصدق في تنفيذ المشروعات والأنشطة الاقتصادية، وثالثاً: احترام الأنظمة والمحافظة على الممتلكات والمرافق العامة، وعلى البيئة والحياة الفطرية من التلوث والتدمير.
في الختام، أدعو الله أن يديم للوطن عزه، وأمنه، وتقدمه، وازدهاره، وأن يحقق الطموحات الكبيرة والأهداف النبيلة التي تسعى الدولة لتحقيقها من أجل خدمة المواطن والمقدسات الإسلامية والسلام العالمي بوجه عام. وكل عام والوطن بخير.