دراكولا .. مصاص الدماء .. الحقيقة والأسطورة

دراكولا .. مصاص الدماء .. الحقيقة والأسطورة

ولد فلاد تيبيس أو فلاد دراكول في رومانيا في تشرين الثاني (نوفمبر) 1431، وفي العام نفسه، قام الإمبراطور "سيجيسمند" بتعيين والده "دراكول" كحاكم عسكري لـ"ترانسلفانيا". تم إطلاق اسم "دراكولا" عليه نسبة إلى والده "دراكول"، حيث إن كلمة دراكولا تعني "ابن دراكول". كان والده فلاد دراكولا الثاني قد سعى إلى طلب دعم السلطان التركي للاستيلاء على العرش في والاشيا، ومن أجل ذلك شن الأتراك الحرب على أعداء دراكولا.
في عام 1436، أصبح والده "دراكول" أميرا على أحد الأقاليم الرومانية الثلاثة. عاش فلاديمير مع والده ست سنوات في القصر الأميري، حتى كان عام 1442، حيث تم احتجاز دراكولا وأخيه الأصغر "رادو" كرهائن عند السلطان مراد الثاني، وبقي دراكولا في تركيا حتى عام 1448، بينما بقي أخوه هناك حتى عام 1462.
أطلق الأتراك سراحه منذ عام 1447، حيث أبلغوه بأن والده قد اغتيل في العام نفسه بتخطيط من "فلادسيلاف الثاني"، كما علم أيضا عن مقتل أخيه الأكبر بدفنه حيا.
عندما أصبح فلادتيبيس في السابعة عشرة من عمره، انطلق مدعوما من الباشا مصطفى حسن بقوات من فرسان الأتراك، تحركه الرغبة في الانتقام، وقام باحتلال الإقليم الذي تم اغتصابه من والده، وحاصر "فلادسيلاف الثاني" لمدة شهرين حتى استطاع هزيمته وقتله. وبهذا تحققت أولى أمنياته وهي: الانتقام من قاتل والده.
كان العصر الذهبي لحكم دراكولا بين الفترة الواقعة من عام 1456 إلى 1462، حيث تمكن فيها من قهر جيوش الاحتلال بمساعدة من المجر واستطاع استرجاع عرشه. وتسلم مقاليد الحكم، ويقال إنه قتل في هذه الفترة نحو 100 ــ 400 ألف ضحية.
بدأت بعدها مرحلة الانتقام من قتلة أبيه، حيث قام بأسر كل من له علاقة بمقتله مع عائلاتهم ولم يستثن أحدا منهم، وقام بتعليق كبار السن منهم على الخوازيق وأمر الباقين بالرحيل إلى منطقه تبعد 50 ميلا، حيث أمرهم ببناء قلعة عظيمة له، مات الكثير منهم أثناء بنائها، وتعرف الآن بـ "قلعة دراكولا".
أصبح دراكولا معروفا بتطبيقه العقاب الوحشي على أعدائه، مثل سلخ جلودهم، إلقائهم في الماء المغلي، قطع أعناقهم، فقء أعينهم، حرقهم، شوائهم ودفنهم أحياء ... إلخ. كما كان يهوى قطع أنوفهم وآذانهم وأطرافهم. غير أن أسلوب التعذيب القاتل المحبب بالنسبة له، الذي اشتهر به هو: الخازوق، حتى أصبح الأتراك يطلقون عليه اسم "أمير الخوازيق".
كان صارما جدا في تطبيق عقوبة الخازوق، حيث يطبقها على أي خطأ يرتكبه أحدهم مثل أن يكذب أو يسرق أو حتى يقتل، فإن مصيره هو الخازوق. وبلغ من شدة صرامته وخوف الناس منه، أن وضع كأسا من ذهب في الميدان الرئيسي لعاصمته، دون أي حراسه، ليشرب به المسافرون وعابرو السبيل الماء، وطبعا لم يجرؤ أي أحد على سرقته طوال فترة حكم دراكولا.
كان ينظر إلى الفقراء والمشردين على أنهم مجرد لصوص، قام مرة بدعوة جميع فقراء مدينته إلى قلعته لحضور وليمة عظيمة أعدها خصيصا لهم، وطبعا لبى الجميع دعوته، حيث أكلوا وشربوا كل ما يشتهون وهم لا يصدقون أعينهم!، وبعد أن انتهوا من الأكل سألهم دراكولا قائلا: هل تريدون أن تتخلصوا من فقركم وآلامكم إلى الأبد؟ فصاحوا بحماس: نعم! فخرج مع جنوده من قلعته وأقفل أبوابها على هؤلاء المساكين، ثم أمر جنوده بإيقاد نار عظيمة وحرق كامل القلعة! وبالطبع، لم ينج منهم أحد! وكانت هذه نهاية مشكلاتهم إلى الأبد كما وعدهم دراكولا!!.
في عام 1462، بدأ دراكولا حملة عسكرية ضد الأتراك على امتداد نهر الدانوب، كانت مخاطرة كبيره حيث إن قوات السلطان محمد الثاني كانت أكثر عدة وعتادا من قواته، على أي حال، استطاع دراكولا أن يحقق الكثير من الانتصارات، ما أثار غضب السلطان محمد الثاني وقرر معاقبته باحتلال كامل الأراضي التي يسيطر عليها، فقام بتجهيز جيش بقوات تفوق جيش دراكولا بثلاث مرات، وعندما وجد دراكولا نفسه وحيدا أمام هذا الجيش دون أي مساعده من حلفائه، اضطر إلى الانسحاب، وأثناء انسحابه قام بحرق القرى التي كانت تابعة له كما قام بتسميم الآبار، حتى يصعب على الأتراك أن يجدوا شيئا ليأكلوه أو يشربوه. وعندما وصل السلطان محمد الثاني إلى عاصمة إمارة دراكولا، واجه منظرا بشعا: الآلاف من الأوتاد تحمل بقايا الأسرى الأتراك المقدر عددهم بـ 20 ألفا!
قام السلطان محمد الثاني بتسليم راية المعركة إلى (رادو)، الأخ الأصغر لدراكولا، حيث كان الأتراك يفضلون تسليمه عرش الإقليم بدلا من دراكولا المتمرد عليهم.
قام (رادو) بمطاردة أخيه حتى حاصره في قلعه على نهر الأرغيس، هناك، قامت زوجة دراكولا بالانتحار خوفا من وقوعها في الأسر في يد الأتراك حيث رمت بنفسها في النهر وغرقت. أما دراكولا، فلم يكن من صنف الرجال الذين يستسلمون بسهولة، حيث استطاع الهرب عن طريق نفق سري وطرق وعرة بين الجبال المحيطة حتى استطاع الوصول إلى المجر "هنجاريا". وقضى دراكولا 12 عاما في المجر، وهناك تزوج من العائلة الحاكمة للمجر، ويقال إنه تزوج أخت الملك.
توفي رادو أخو دراكولا عام 1474 بينما أحكم الأتراك قبضتهم على البلاد. لكن دراكولا كون جيشا لاستعادة أرضه وتمكن من ذلك عام 1475.
لكن هذا الأمر لم يعجب الأتراك، حيث قام السلطان التركي بالغزو مرة أخرى في أيلول (سبتمبر) عام 1476، وكانت هذه آخر معركة لدراكولا.
كان دراكولا في الأسر يقضي وقته بسلخ الحيوانات حية، أو يضع الطيور على الخوازيق، وفي النهاية لقي نهايته على يد الأتراك في أيلول (سبتمبر) 1476، وقد قام السلطان التركي بغرس رأس دراكولا على رأس رمح وعرضه على الناس حتى يتأكد الجميع من موته، ثم دفنت جثته في مكان مجهول في جزيرة "سناجوف".
ويدور الجدل حول العلاقة غير الأكيدة بين شخصية دراكولا التي خلقها الكاتب الأيرلندي برام ستوكر عام 1897 وفلاد دراكولا "الشيطان"، وهو اللقب الذي اشتهر به دراكولا، والمذهل في الموضوع أن هذه الرواية لا يوجد منها سوى نسخة واحدة، وقد ظهرت هذه النسخة لأول مرة للجمهور عام 1984، وهي مكتوبة بخط اليد، كان اسمها "الذي لا يموت" ثم تم تعديل الاسم إلى "دراكولا".
سبب ارتباط مصاصي الدماء بالكونت دراكولا:
كان الكونت دراكولا شخصية أسطورية في التعذيب، حتى إن السلطان التركي ذكر أن دراكولا كان يزين الطريق إلى قلعته بالجثث المعلقة على الخوازيق، وحتى في فترة سجنه كان يجمع الطيور والفئران ويقوم بقتلها وتعذيبها. وقد بقيت شخصية دراكولا هي أشهر الشخصيات التي ارتبطت بمصاصي الدماء عبر التاريخ رغم ورود شخصيات أخرى مثل:
بيتال جنس: وهو هندي من مصاصي الدماء، نصف رجل طوله تقريبا متر ونص.
أساسابونسام: قبيلة إفريقية يقومون بعض ضحيتهم في إبهامه وشرب دمه.
باوبهان سيث: اسكتلندي يخرج في شكل امرأة ثم يصطاد ضحيته من الرجال ويقوم بقتلهم وشرب دمائهم.
كرفوبيجاك: مصاصو دماء بلغاريون معروفون كذلك بـ "أوبورس". عندهم فقط منخر واحد ولسان مدبب.

الأكثر قراءة