العيد في الشعر العربي

العيد في الشعر العربي

انقضى شهر الخير والبركة والرحمة والمغفرة، شهر رمضان الكريم، ليأتي العيد بفرحته التي تملأ الأرجاء، وتعم الأنحاء. يقول ابن الرومي، الشاعر العباسي الشهير واصفا هلال العيد وصفا عجيبا:
ولما انقضى شهر الصيام بفضله
تجلى هلال العيد من جانب الغرب

كحاجب شيخ شابَ من طول عمره
يشير لنا بالرمز للأكل والشرب

وقال الشاعر عبد الله بن المعتز واصفا هلال العيد وصفا بديعا:
أهلا بفطر قد أضاء هلاله
فالآن فاغد على الصحاب وبكر

وانظر إليه كزورق من فضة
قد أثقلته حمولة من عنبر
أتى العيد، ولا بد أن يذهب الشعراء إلى الخلفاء والملوك لتهنئتهم، وربما لنيل عطائهم، فذهب البحتري إلى الخليفة العباسي المتوكل:

بالبر صمت وأنت أفضل صائم
وبسنة الله الرضية تفطر

فانعم بعيد الفطر عيدا إنه
يوم أغر من الزمان مشهر

وذهب المتنبي مهنئا سيده سيف الدولة الحمداني بعيد الفطر:
الصوم والفطر والأعياد والعصر
منيرة بك حتى الشمس والقمر

لكن المتنبي في عيد آخر قضاه في مصر لم يكن سعيدا، بل كان مشحونا بالآلام والهموم، لبعده عن أهله وأحبته، فخرج إلى الناس برائعته الخالدة:

عيد بأية حال جئت يا عيد
بما مضى أم بأمر فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيدا دونهم بيد

وكان المعتمد بن عباد، ملك أشبيلة، من خيرة حكام زمانه في خلقه وأدبه واهتمامه بالعلم والمعرفة والشعر والشعراء، لكن أيام سعده لم تدم، فهاجمه ملك المرابطين يوسف بن تاشفين، ليأخذه أسيرا في عاصمة مملكته مراكش، وبالتحديد في أغمات، وجاء العيد، فرأى الملك الأسير بناته في حالة يرثى لها، جائعات حافيات، فكتب بمداد من دموع وآلام قصيدته الشهيرة:

فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا
وكان عيدك باللذات معمورا

وكنت تحسب أن العيد مسعدة
فساءك العيد في أغمات مأسورا

ترى بناتك في الأطمار جائعة
في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا

معاشهنّ بعيد العز ممتهن
يغزلن للناس لا يملكن قطميرا

أفطرت في العيد لا عادت إساءته
ولست يا عيد مني اليوم معذورا
وكنت تحسب أن الفطر مبتهج
فعاد فطرك للأكباد تفطيرا

أما أحمد شوقي، أمير الشعراء، فينتظر بفارغ الصبر نهاية شهر الخير حتى يقبل إلى مدامته لينهل منها، ويروي ظمأ عروقه يوم العيد:
رمضان ولى هاتها يا ساقي
مشتاقة تسعى إلى مشتاق

وقضت ظروف الحرب على الأمير الفارس عبيد بن رشيد أن يقضي عيد الفطر وعيد الأضحى خارج بلده، وبعيدا عن أهله، فقال:
العيد عيدناه باقصى صعافيق
والعيد الآخر بالحفر والدجاني
أما سعيدان، مطوع نفي، فلا يهدأ له بال والعيد غدا، لأنه لن يرى محبوبته، فقال يخاطب صديقه الراوية محمد بن علي بن عويويد:

غابت نجوم الليل يا ابن عويويد
يا وأنا اتنور فوق عالي الحيودي

الليلة الجمعة وباكر ضحى العيد
يا عيد على ثلاب جعله يعودي

جعله يعود بغير شر على زيد
يا وجعله عليهم من ليالي السعودي

كل يساير صاحبه في ضحى العيد
يا وأنا على غض الصبايا وجودي

ويتمنى الشاعر الكويتي عبد الله الفرج لو لم يأت العيد، ذلك أنه رأى فتاة في غاية الحسن والجمال، سحرته وملكت قلبه، وحاول التقرب إليها، فلم تعبأ به، ولم تنظر إليه بطرف عين، وتركته هائما مولعا، فقال ضمن قصيدة طويلة:
صار السبب لي يوم عيد وزينه
لا عاد ذاك العيد من بد الأعياد

ويتكرر الأمر مع الشاعر عبد الرحمن الربيعي، ويعاني المعاناة نفسها، فقال:

غرو سلب عقلي وأنا منه ملهود

ولا ساعة عن مولع القلب لاذي
مياح مزاح ولا منه لي فود
لاهوب محذيني ولا هوب حاذي

مرن ضحي العيد والسيف مجرود
بيده وأنا ما لي ملاذ ومحاذي

الأكثر قراءة