عبد الله بن ثنيان يجمع ديوان ابن المقرب في القسطنطينية

عبد الله بن ثنيان يجمع ديوان ابن المقرب 
في القسطنطينية
عبد الله بن ثنيان يجمع ديوان ابن المقرب 
في القسطنطينية
عبد الله بن ثنيان يجمع ديوان ابن المقرب 
في القسطنطينية
عبد الله بن ثنيان يجمع ديوان ابن المقرب 
في القسطنطينية

الشاعر علي بن المقرب بن منصور العيوني (630هـ)، من أشهر شعراء جزيرة العرب، وفي شعره جزالة وحماسة ودلالات تاريخية مهمة.

عاش في منطقة الأحساء، شرق الجزيرة العربية، ويعتبر شاعر الدولة العيونية، التي قضت على القرامطة، وسيطرت على منطقة الأحساء وما جاورها، خلال الفترة بين النصف الثاني من القرن الخامس الهجري إلى النصف الأول من القرن السابع الهجري.

وقد اعتنى الباحثون بشاعرنا ابن المقرب عناية كبيرة، وكتبوا عنه دراسات ورسائل علمية كثيرة، كما لاقى ديوانه أيضا العناية نفسها، ونشر عدة مرات.

ورغم هذا الاهتمام، إلا أنه فاتهم التعرف على إحدى مخطوطات ديوانه، التي عثر عليها الباحث المتفنن الدكتور عبدالله المنيف، عميد شؤون المكتبات بجامعة الملك سعود، ويقوم على دراستها وإعدادها للنشر.

#2#

المخطوطة:

المخطوطة عبارة عن مختارات شعرية من ديوان ابن المقرب، تقع في مجلد لطيف، في 35 ورقة (70 صفحة)، قام باختيارها وجمعها الأمير عبدالله بن عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود عام 1307هـ في مدينة القسطنطينية (إسطنبول)، إذ كان مقيما فيها، ورتبها على حروف الهجاء من الألف إلى الميم حسب القافية. وكتبت المخطوطة بخط واضح ومقروء.

وذكر في آخر ورقة في المخطوطة أنه تم جمعه وتبييضه في أواسط جمادى الثاني سنة 1307 في القسطنطينية. ولم يتبين لي هل كتبت بخط الجامع، أم بيضها أحد النساخ.

الجامع:

الجامع نجل للأمير عبدالله بن ثنيان، أحد أمراء الدولة السعودية الثانية، الذي توفي في سجن الرياض عام 1259هـ.

وكان الجامع حملا في بطن أمه عند وفاة أبيه، لذلك سمي عليه، ولا نجد معلومات عنه في طفولته وبدايات شبابه، والغالب أن يكون نشأ وتعلم في مدينة الرياض إبان حكم الإمام فيصل بن تركي (1282هـ)، ويبدو أنه انضم بعد ذلك إلى الإمام سعود بن فيصل في خلافه مع أخيه الإمام عبدالله، إذ يذكر راشد بن علي بن جريس في "مثير الوجد" أنه أصبح أمير جيوش الإمام سعود بن فيصل (1291هـ) في نواحي الأحساء والقطيف وقطر وبلاد البحرين وما والاها من أطراف عمان، وعلى أن كلامه غير دقيق إلا أنه يدل على انضمام عبدالله باشا إلى الإمام سعود.

وقد غادر الأمير عبدالله باشا "نجد" بعد ذلك، إذ يذكر لوريمر في "دليل الخليج" أنه أقام في البصرة منذ عام 1876/1293هـ، ثم ذهب بعدها بثلاث سنوات إلى القسطنطينية كي يحصل على فرمان بسلطنة نجد والأحساء، فلم يحصل على ذلك، ثم عاد إلى الخليج وزار المقيم السياسي البريطاني في بوشهر آملا منه إقناع الدولة العثمانية بتلبية طلبه فرفض الأخير التدخل، ثم ذهب عبدالله باشا إلى مدينة جدة، وزار بعدها القاهرة ثم دمشق، وعاد مرة أخرى إلى القسطنطينية عام 1880.

ويقول الشيخ عبدالله البسام في كتابه "علماء نجد" إنه "سافر إلى إسطنبول ليطلب من الدولة (العثمانية) إمداده، ليعيد ملك آبائه على نجد بعد أن تضعضع على أثر الفتن التي حدثت بين أبناء الإمام فيصل، فلم تمده الدولة، وإنما عينوه عضوا في أنظمة القوانين، فرفض، فعينوه في مجلس المعارف، فقبل".

ويذكر الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ أنه نزح إلى إسطنبول في زمن السلطان مراد الخامس، وخلع عليه لقب باشا، وأنه توفي في إسطنبول.

ويلخص الدكتور سهيل صابان بعض المعلومات عنه نقلا عن وثائق الأرشيف العثماني، فيذكر أنه "توجه إلى البصرة ومنها إلى إسطنبول قبل (13 ربيع الآخر 1295هـ/ 1878).

عين عضوا في مجلس الشورى في الدولة العثمانية بإسطنبول في (21 شوال 1302هـ/ 1885)، وخصص له راتب خمسة آلاف قرش، بعد أن كان راتبه قبل تعيينه ألف قرش.

حصل على بعض الأوسمة والرتب من الدولة العثمانية، وعلى رأسها الباشوية". ويذكر الدكتور صابان أنه عين في مجلس الشورى برتبة أمير أمراء الروملي الرفيعة، وأنه من المناصب الرفيعة في الدولة العثمانية. كما ينقل عن وثيقة عثمانية كتبها عبدالله المغيرة، يذكر فيها أنه ذهب إلى البصرة مع عبدالله باشا بن عبدالله بن ثنيان عام 1295هـ/ 1878.

#3#

ويورد ألكسي فاسيليف معلومات عن الجامع أشك في صحة بعضها، إذ يذكر أنه ولد في يوم وفاة أبيه، وهذا يخالف ما ورد في "مثير الوجد" من أنه كان حملا في بطن أمه عند وفاة أبيه، ويضيف فاسيليف أنه سافر بعدما كبر إلى الهند للتجارة، عن طريق البحرين، وفي بومباي أرسلته السلطات البريطانية مخفورا إلى إسطنبول، إذ وضعت السلطات العثمانية اسم والده ضمن المطلوبين، ولما اتضح للعثمانيين أنه الابن لا الأب تركوه في عاصمتهم في حالة لا هو ضيف ولا هو أسير.

وهذا الكلام يتنافى مع النصوص السابقة التي تبين أنه سافر إلى إسطنبول برغبته أملا في الحصول على تأييد السلطات هناك.

ويضيف فاسيليف: "خصص السلطان لعبدالله راتبا معقولا وزوجه من إحدى محظياته، ويقال إنها شركسية أو جورجية، فولدت له خمسة أبناء وبنتا واحدة اسمها جوهران".

وتؤيد مراجع أخرى أنها شركسية اسمها تازروح هانم. وقد نقل فاسيليف معلوماته السابقة عن نكرة، والنقل عن نكرة يتنافى مع قواعد ومنهج البحث العلمي، ويصبح لا قيمة له، ولا يعتمد عليه.

ويذكر عبدالرحمن الرويشد في "الجداول الأسرية لسلالات العائلة المالكة السعودية" تسعة أولاد للجامع، هم: إبراهيم ومنيرة وعبدالقادر وعبدالرحمن وثنيان ومحمد والجوهرة وأحمد وسليمان.

والجامع والد لأحمد باشا الثنيان (1341هـ)، الذي عمل مستشارا للملك عبدالعزيز، كما أنه جد الأميرة عفت بنت محمد، زوجة الملك فيصل.

وخلال عمل الجامع في مجلس شورى الدولة العثمانية، وضع مع آخرين فكرة لتوطين البدو، لكنها لم تلاق النجاح المطلوب.

#4#

اهتمامه بالعلم وأهله:

كان الجامع الأمير عبدالله باشا بن الأمير عبدالله بن ثنيان مهتما بالعلم والأدب اهتماما كبيرا، يتضح ذلك من جمعه واختياراته الشعرية من ديوان ابن المقرب.

كما أنه هو الذي أشار على راشد بن علي بن جريس كي يؤلف كتابه "مثير الوجد في أنساب ملوك نجد"، ونفهم مما كتبه الأخير عمق تقديره للجامع عبدالله باشا.

ومن مظاهر اهتمامه بالعلم والأدب أنه اصطحب معه في رحلته إلى البصرة أحد أدباء نجد وهو الشيخ عبدالله بن عبدالمحسن المغيرة، الذي استمر معه في إسطنبول.

ونلحظ هذا الاهتمام العلمي من عنايته بأولاده من الناحية التعليمية، فقد وصف فيلبي وغيره ابنه أحمد باشا بالثقافة والمعرفة، أما ابنه الأكبر إبراهيم بن عبدالله فقد ذكر راشد بن علي بن جريس أنه تعلم العلوم العربية والفنون، وأنه يتكلم أربع لغات، ولديد في علم الآلة.

ومن مظاهر عنايته بالعلم أنه كان يكلف نساخا لنسخ بعض المخطوطات لانتفاع طلبة العلم بها.

الملك عبدالعزيز وديوان ابن المقرب:

أذكر أني قرأت في أحد كتب فيلبي أو غيره أن الملك عبدالعزيز كان ينهى من حوله عن اقتناء وقراءة ديوان ابن المقرب، ولم يكن الذين حوله يعرفون السبب، ثم تبين لبعضهم لاحقا أن السبب في ذلك هو أن مشاري بن عبدالرحمن كان يقرأ هذا الديوان قبيل اغتياله للإمام تركي بن عبدالله.

وقد سمعت رواية النهي مرارا من بعض الثقات الذين سمعوها عن بعض جلساء الملك عبدالعزيز، ويفسر بعضهم هذا النهي بسبب ما في الديوان من أشعار حماسية تهيج على القتل والقتال، وأن هذه الأشعار كانت دافعا لمشاري على قتل الإمام تركي.

الأكثر قراءة