الحسن الوزان ووصف إفريقيا

الحسن الوزان ووصف إفريقيا

أبو علي، الحسن بن محمد الوزَّان الفاسي الزيّاتي، المعروف بـ «ليو الإفريقي». جغرافي، رحّالة، مؤرخ، عارف بالطب. ولد في مدينة غرناطة لأب مسلم كان من أبرز تجار الزيت في غرناطة. هاجر الحسن الوزان مع أسرته إلى فاس إثر سقوط مدينة غرناطة سنة 1492م وهو لا يزال طفلاً بعدما أصدر ملك إسـبانية فرديناند مرسـوماً تمّ بموجبه طرد الكثيرين من العرب واليهود إلى خارج المدن الإسبانية لأنهم خيّروا ما بين الطرد والتنصير ففضلوا الأولى وخرجوا من بلاد الأندلس. استقرت أسرته في مدينة فاس المغربية، وهناك نشأ الحسن الوزان نشأة إسلامية فدرس علوم الدين الإسلامي حتى أجادها، وتعلم اللغة العبرية عن طريق أمه اليهودية ثم المسلمة، فأجادها إجادة تامة، كما تعلم العربية عن طريق معارف أبيه فأتقن قواعدها وأساليبها. عُرف حسن الوزّان بمحبته للأسفار والتنقل، فقام بأسفار ورحلات كثيرة في البلاد الإفريقية وغيرها كما ذهب إلى مكة المكرمة للحج مع والده، وقد بدأ رحلاته مع عمه وهو ابن ستة عشر عاماً إلى مدينة تمبكتو، وبها بدأ الكتابة ووضع الملاحظات والتوصيفات المعنية بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية، والسياسية، والأنثروبولوجية، إذ تعمق في دراسة الأعراق، والأنساب، وأصول القبائل والعشائر الإفريقية، ورسم المواقع والأمكنة ذات الأهمية والاعتبار، وعاين مجاري المياه والأنهر، وحدّد النقاط التي تمرّ بها وأثرها في حياة الناس. ثم قام الوزان برحلات أخرى إلى مالي وبلاد الهوسا فالسودان الغربي، ومن خلال اطلاعه ومشاهداته دوّن طبائع الناس الذين كان يلتقيهم، وقد عرف بأنه ذو مقدرة خاصة على كسب ثقة الآخرين به وإقناعهم بمعلوماته ومعارفه. ونتيجة لكثرة أسفاره شاعت شهرته بين الناس والأمراء وأصحاب الممالك، فسماه بعضهم سفيراً لبلاده ولاسيما أن أسفاره اتجهت نحو الشرق، فزار مصر، والشام، وإيران، والجزيرة العربية، وتركيا، وأرمينيا، وبذلك اشتهر بأنه واحد من أهم الرحالة العالميين.
وقع الوزان أسيرًا في أيدي القراصنة في أحد أسفاره، بالقرب من جزيرة جربة. وعندما وجد القراصنة أنفسهم أمام عالم، أخذوه إلى روما وقدَّموه إلى البابا ليو العاشر، نحو عام 1520م. واحتفى به البابا لعلمه،وحرره وأغدق عليه حتى لا يفارقه،ويُزْعَم بأن البابا نصَّره،ثم أطلق عليه اسمه، فأصبح يعرف في التاريخ باسم ليو الإفريقي. وأكمل كتابه المشهور وصف إفريقيا في كنف هذا البابا، وترجمه إلى الإيطالية،ومن هذه النسخة ترجمه جون دوري إلى الإنجليزية عام 1600م، في ثلاثة أجزاء كبيرة.ولهذا الكتاب عدة ترجمات باللاتينية والفرنسية، كما أن له عدة طبعات بالإيطالية. وقد ظل زمنًا طويلا مرجعا جغرافيا للأوروبيين. وقد ترجمه من الفرنسية إلى العربية عبد الرحمن حميدة ونشرته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض.
وكتاب وصف إفريقيا المطبوع هو القسم الثالث والوحيد المتبقي من كتاب ضخم باللغة العربية، ترجمه الحسن الوزان نفسه إلى اللغة الإيطالية أو اعتمد عليه في إنشاء وصف أفريقيا بالإيطالية إنشاء وقد قسمه الوزان إلى تسعة أقسام، في القسم الأول تدقيقات تتعلق بجغرافية إفريقيا العامة ومناخها وخصائص شعوبها وأخلاقهم وقد جزأ فيها إفريقيا تجزيئاً عمودياً باعتبار مميزاتها النباتية والاقتصادية أربعة أجزاء، أما الأقسام السبعة التالية من كتاب وصف أفريقيا فقد تناول بالتفصيل الأجزاء الأربعة الأصلية لإفريقيا وأقاليمها الفرعية ليعود في القسم التاسع إلى ذكر الظواهر الجغرافية العامة لإفريقيا مبيناً أنهارها وحيوانها ونباتها. وأقسام الكتاب هي: وصف إفريقيا وما فيها من أشياء تستحق الذكر، مملكة مراكش، مملكة فاس، مملكة تلمسان، مملكة بجاية ومملكة تونس، نوميديا، بلاد السودان، مصر، والقسم التاسع : الأنهار والحيوانات والنباتات بإفريقيا.
ويذكر أن الحسن الوزان غادر روما بعد موت البابا ليو العاشر، وذهب إلى موطنه فاس، ومات فيها مسلما في حدود عام 959هـ. وللروائي أمين المعلوف رواية حازت على شهرة عالمية، تحكي سيرة الحسن الوزان، بعنوان "ليون الإفريقي"، صدرت بالفرنسية عام 1986م، و ترجمت إلى عدة لغات.

الأكثر قراءة