«باناسونيك» .. وجائزة زايد لطاقة المستقبل

حصدت "باناسونيك" أخيرا جائزة الشيخ زايد لطاقة المستقبل عن فئة الشركات الكبيرة، وليس ذلك بمستغرب عن شركة مدرجة بمؤشر داو جونز للاستدامة لتسع سنوات متتالية. تولي الشركة موضوع الاستدامة البيئية الأهمية الأكبر. حيث وضعت الشركة أهدافها بوضوح عندما أعلنت رغبتها في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45 في المائة عام 2019 من المستويات الحالية، بالاعتماد على مصادر أكثر نظافة لتوليد الطاقة. وتماشيا مع هذا التوجه قامت الشركة بمواصلة مسيرتها في صناعة وتطوير بطاريات الليثيوم ـــ أيون الصديقة للبيئة.
وقد ينظر البعض إلى الجائزة التي حصدتها "باناسونيك" على أنها ثمرة لتبني الشركة مشروع القرية الذكية المستدامة "فوجيساوا" وجهودها في تطوير بدائل أخرى لتوليد الطاقة النظيفة، ولكن بالنظر إلى رحلة الاستدامة في الشركة، نجد أنها رحلة طويلة بدأت منذ عقود طويلة. بنيت تلك الرحلة على أسس صلبة تمثلت في الالتزام التام بالاستدامة من أعلى الهرم، وكنتيجة لذلك ينتقل هذا الالتزام بانسيابية إلى طبقات الإدارة الأخرى حتى يصل إلى أدنى الهرم الإداري.
وتقوم الشركة بتصميم برامجها ومبادراتها بالاعتماد على نهج واضح، وهو ببساطة الاشتراك مع أصحاب المصالح في كل مكان تصله عمليات الشركة بناء على القضايا المطروحة من قبلهم للخروج بمبادرات وبرامج ملموسة الأثر مستهدفة، تقدم حلولا واقعية خاصة حسب احتياجات ومتطلبات كل من تلك المناطق، محققة بذلك الدور الذي أشير إليه أخيرا بدور الشركات متعددة الجنسيات في تحقيق التنمية في المناطق التي تعمل فيها.
وتستخدم الشركة مبدأ ديمينج "خطط، نفذ، افحص، حسن" لزيادة العائد المتوقع الملموس على استثماراتها بالاشتراك مع أصحاب المصالح حسب القضايا المطروحة، وهي تضع معايير النجاح والتميز لجميع مشاريعها قبل بدايتها.
وبالعودة إلى قرية فوجيساوا، التي تعتبر السبب المباشر وراء حصول "باناسونيك" على جائزة زايد، فهي عبارة عن مشروع ضخم تجسدت فيه رؤية الشركة لخفض نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ممزوجة بنزعتها الإبداعية لبناء ألف وحدة سكنية على مساحة قدرها 19 هيكتارا، وبتكلفة تربو على 500 مليون دولار بحلول عام 2018، وذلك بمشاركة تحالف من 18 شركة عالمية بقيادة "باناسونيك" خارج العاصمة اليابانية طوكيو. ولكن ما هو المميز في فوجيساوا؟ ولماذا كانت السبب المباشر وراء حصول "باناسونيك" على الجائزة دون غيرها من الشركات؟ قد تختلف الإجابة من شخص إلى آخر، ولكن أظن حتما أن قدرة "باناسونيك" وشركائها على بناء قرية ذكية لتناسب أساليب حياة عصرية واقعية باستخدام مصادر طاقة نظيفة هو ما يصعب الاختلاف عليه. فقد بدأ المصممون للقرية أولا بوضع مخطط لجميع الخدمات التي تحتاج إليها القرية من خدمات صحية، مراكز اجتماعية، وغيرها .. لدعم أساليب الحياة المختلفة لجميع سكان القرية منذ الولادة وحتى بلوغ سن الـ 100 عام، وقد كانت المرحلة الثانية تصميم مخطط شامل للمساحة الإجمالية من مساحات سكنية، وتجارية، ومراكز حيوية، وأخيرا مخطط البنية التحتية التي تحتاج إليها القرية من مصادر توليد الطاقة وغيرها. وبذلك تكون الشركة قد حققت نجاحا باهرا في إيجاد نموذج فريد يجمع ما بين استخدام مصادر الطاقة النظيفة وكذلك أحدث وسائل الراحة العصرية، نموذج يركز على جودة الحياة ورفاهية السكان أولا من ثم بناء البنية التحتية لتتناسب مع ذلك، لتقدم تجربة فريدة من نوعها غير مسبوقة لسكانها.
وليس الغريب بناء قرية بهذه الدرجة من التطور والتقدم العلمي من قبل شركة معروف عنها الريادة في الإبداع وتقديم الحلول للعالم السنة تلو السنة، بل السرعة التي تسير بها هذه المشاريع وحجم الدقة والإتقان، وقبل ذلك تحقيق الأهداف الموضوعة مسبقا كتحسين كفاءة استخدام الطاقة، تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لمستويات قياسية، والعديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الأخرى.
ويتوقع أن تشهد اليابان تحديدا والعديد من الدول المتقدمة عموما أمثلة مشابهة تعتبر بداية التحول نحو جيل جديد من المجتمعات الذكية المتكاملة.
هي تجربة تحقق هدف الشركة للاستدامة البيئية المتمثل في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، كما أنها تحقق أهدافا اجتماعية من المساهمة في وضع حلول عصرية، واقعية، طويلة الأمد لمشكلة الإسكان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي