النقطة العمياء
نسمع دوماً بالنقطة العمياء في الفترة الأخيرة، ارتبطت هذه الجملة بمجال الرؤية الخفي لدى السائق، حيث إن مرايا السيارة لا تظهر هذا المساحة ضمن مجال رؤية السائق، وانتهت هذه المشكلة بحل بعيد عن الأبصار وهو استخدام الحساسات لتغطية هذا المجال الخفي، ولكن ما يجهله البعض أن للعين البشرية أيضا نقطة عمياء، اختلف العلماء في تصنيفها، فالبعض رحل بالاكتشاف إلى أنه خدعة بصرية لا أكثر، ولكن الجزء الأكبر قدم دلالات وبعد تجارب على أنها نقطة عمياء في العين البشرية، وهي في حقيقتها نوع من العتمة أو انعدام الرؤية البصرية في جزء معين من مجال الرؤية، وبشكل مبسط هي نقطة لا تستقبل فيها المستقبلات البصرية الضوء.
وفي رياضتنا للأسف، تكثر النقاط العمياء ولكن بعضها ليست خارج مجال الرؤية والترصد، بل إنها تندرج تحت مقولة "رأينا ولم نرَ" فما يحدث من تطاول الإعلام التابع لبعض الأندية وإرسال الاتهامات لإدارة المنتخب السعودي، وعدم تأجيل العقاب إن كان هنالك تقصير أو أخطاء عملية إلى ما بعد انتهاء المنتخب السعودي من مهمته يعد إرهاقا نفسيا وتجاوزاً خطيراً قد يكون سبباً لسقوط المنتخب السعودي، ومازالت الرقابة على الإعلام تضع كل ما يحدث من هؤلاء الإعلاميين في مجال "النقطة العمياء"، وأخوف ما عليكم أن تطمس أعيننا عن الإنجازات دهراً، والسبب لأننا طعَّمنا جسد رياضتنا بحقن التعصب المحلي، ومات في بعضنا طموح الإنجاز الوطني، فهل نستقبل التعازي غداً؟
ـ مازال مجال الرؤية واضحاً في منطقة دفاعات المنتخب السعودي لمهاجمي الخصوم، فالقصف أصبح لا يأتي إلا بالرأس، وما زال السبب خفياً، فقد عانى المنتخب السعودي المشكلة نفسها فخرج ثانيا في كأس آسيا ٢٠٠٧، ومنذ تلك الفترة وحتى الآن ومع تغير المدارس التدريبية مازالت الأجواء مخترقة، مع أن لاعبي دفاعات المنتخب السعودي أصحاب أطوال فارعة، ولكن يبدو أن عقول المدربين فارغة، ألا يشاهدون العقم في رد الفعل من الدفاع في الكرات العرضية؟ حتى إن مهاجمي المنتخب الكوري أصحاب الأطوال المتوسطة سجلوا من المجال الجوي لمنطقة الخطر، التي أصبحت مجالاً تهديفياً واضحاً للخصوم، وللأسف مازالت "نقطةً عمياء" لمدربي المنتخب السعودي.
ـ من أكثر الأمور المحزنة أن الجمهور السعودي انهمك خلال الأيام الماضية ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي في قضايا الأندية، فقد تناسينا أن للوطن جيشاً رياضياً لديه مهمة في أستراليا، تقاسمنا كعكة الانتماء للنوادي ظاهرا وهي في الحقيقة كعكة التعصب للنوادي على شرف نسيان المنتخب السعودي، انهمك الجميع في البحث عن تعاقدات الشتاء لناديه، وعمن يرحل ومن يأتي ونسينا البحث عن عرش آسيا، تركنا دعم ٢٢ لاعبا يمثلون منتخبنا في آسيا وذهبنا للحديث عن تجاوزات ناصر الشمراني، تجاهلنا دعم المنتخب السعودي وأصبحنا ندعم اللاعب المنتمي لنادينا، أصبح البعض يؤمن أن المنتخب السعودي ذهب للتشريف فقط، بل أكاد اجزم أن البعض لا يعلم متى سيلعب المنتخب السعودي أولى مواجهاته في كأس آسيا، ألا يعلمون أن منتخبنا من سادة القارة ألا يعيدون التاريخ في أذهانهم، من قتل أمل الجمهور في المنتخب السعودي الذي تربع على عرش آسيا في ثلاث مناسبات وسقط في ثلاث نهائيات، من المسؤول عن "النقطة العمياء" في عقول بعض الجماهير؟ قد يعلمه البعض ويخفى على البعض ولكن الحقيقة الثابتة تقول إننا وبكل فخر (سعوديون لا ميوليون).
ـ كتابة التاريخ لأي مسؤول في منصبه تحتاج إلى انجاز ليذكر به عمله، فالأعمال القيادية والإدارية مهما كان نتاجها الإيجابي على الأمد البعيد لن يكون تأثيرها كتأثير الإنجاز، لذا على مسؤولي المنتخب السعودي أن يجدوا "النقطة العمياء" التي حجبت عن أعينهم طريق الإنجاز، فكل أدوات النجاح توافرت، ولكن النتائج الإيجابية تغيبت، فابحثوا عنها قبل أن تنطمس أعيننا عن المنصات، فجيل الثمانينيات والتسعينيات يفخر بهم الوطن إلى يومنا هذا بل إنهم أصبحوا التاريخ الذي لن يتكرر في عقول البعض، ونحن مازلنا نبحث عما نفخر به من جيلنا غداً، وإن كنتم لا تريدون فخرا لكم في الغد، فبهرجة اليوم كافية لسقف طموحكم!.