استمعوا إلى سام ومشاري

شاهدت قبل أيام تقريرا في قناة CNN عن طفل اسمه سام (10 سنوات) مصاب بالتوحد (اضطراب النمو العصبي الذي يؤثر في التفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي وغير اللفظي)، وكيف أحدث تغييرا كبيرا في محيطه إثر فيديوهاته، التي يقوم بإدراجها في وسائل التواصل الاجتماعي بمساعدة والديه. كرر سام في اللقاء أنه محظوظ جدا بوالدين، جعلاه يستطيع أن يتكلم ويأكل بنفسه ويهتم بنفسه، بينما كثير من أترابه ممن يعانون المرض نفسه لا يقدرون. تحدث هذا الطفل الجميل عن الدور الكبير الذي لعبه الأطباء في تحسن حالته وقدرته على التفاعل مع من حوله بإيجابية.
قدم سام للمشاهدين مثالا حيا؛ كيف أن التدخل المبكر لعلاج هذا المرض بوسعه أن يسهم في تخفيض آثاره وتداعياته. يقول إنه يواجه صعوبة في الكلام، لكن يتكلم. يكافح من أجل أن يأكل بنفسه، بيد أنه يأكل.
يستشهد سام بحرقة بأصدقائه الذين لم يتمكنوا من الكلام لغياب المراكز المتخصصة التي تساعدهم على تطوير تواصلهم اللفظي والسلوكي.
عاتب سام في أكثر من فيديو بعض الآباء الذين يئسوا من حالة أطفالهم، ولم يمنحوهم الوقت والرعاية اللازمين اللذين يجعلان أبناءهم أفضل وأحسن. "من ييأس من الشيء، تخل عنه". يردد سام دائما: "أمي تقول إني كنت أثير الشفقة صغيرا، بينما الآن فأنا أثير الإعجاب في الكثير من أصقاع العالم".
الرسائل التي يقدمها سام أوجهها بدوري لذوي المصابين في التوحد في مجتمعاتنا العربية وهم كثر، وحكوماتنا أيضا المطالبة بتوفير مراكز متخصصة متقدمة. إذ يصاب بمرض التوحد نحو 1-2 من كل 100 شخص في جميع أنحاء العالم، ويصاب به الأولاد أربع مرات أكثر من البنات. أهم ما أود أن أقوله لآباء الأطفال المصابين. لا تتخلوا عن فلذات أكبادكم. أدرك تماما صعوبة التحديات التي تواجهكم. لكن أدرك أيضا أن التدخل المبكر سيخفف من معاناتكم ومعاناة أطفالكم. كلما تعبتم وهم صغار ارتحتم وهو كبار. ولنا مثال حي في الأم الكويتية المتألقة أم مشاري، السيدة منى الأنصاري، ومعرفها في إنستاجرام ansachem@ لقد استطاعت أن تدعم ابنها التوحدي وترعاه وتجعل منه شخصا منتجا ورساما مبدعا يضرب به المثل ويمثل وطنه في المحافل الدولية متحدثا ملهما.
نعم الأمر ليس سهلا، وإنما ليس مستحيلا. إن أطفالنا مهما كانت معاناتهم جديرون بالمحبة والرعاية والابتسامة. قد يتأخر تألقهم قليلا. لكن سيتوهجون وسيشعلون حياتنا فرحا ولو بعد حين. لن نبلغ الفجر قبل أن نعبر ظلمة الليل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي