«الأسلحة البيضاء».. البيع يبدأ بريالين والنتيجة «قتل» ومشاجرات .. والرقابة «ضائعة»
في الوقت الذي يتنصل فيه عدد من الجهات الحكومية عن مسؤولياتهم عن إدخال وبيع الأسلحة البيضاء ومن بينها "الغدارة" والخناجر، أكد مصدر أمني أن نسبة استخدام السلاح الأبيض في جرائم القتل والسرقات تراوح بين 40 و 50 في المائة، مشيرا إلى أن استخدامه في المشاجرات والخلافات "شائع" خاصة بين المراهقين.
ولم يعد العثور على تلك الأسلحة شيئا صعبا أو مستحيلا، إذ يتم تداولها في العديد من بسطات الأسواق الشعبية والمحال الصغيرة ومحال الخردوات المنتشرة في مدن السعودية بسهولة ويسر "دون رقيب أو حسيب.
ويلفت انتباه مرتادي تلك المواقع وجود الغدارات والخناجر والسكاكين بمقاسات ومسميات مختلفة وأشكال توحي للناظر بأن الاستخدام الأمثل لها في الاعتداءات أو المشاجرات، كما أنها مهيأة بأحجامها المختلفة لاستخدامات أرباب السوابق أو بعض المراهقين، حيث يمكن إخفاء بعضها نظرا لصغر حجمه في أماكن مختلفة من الجسم.
رصدت جولة لـ "الاقتصادية" في أحد أسواق محافظة جدة التي تشتهر ببيع بضائع الجملة، وجود الأسلحة البيضاء بأنواعها المختلفة خاصة تلك الأنواع التي لا تستخدم في المنازل من قبل ربات البيوت والسيدات، إلا أن اللافت هو وجود تلك الأسلحة بأنواع وأشكال متعددة وبكميات كبيرة، فمنها سكاكين تكاد تكون أصغر من أصبع اليد، والعديد من الخناجر والأسلحة الأخرى أبرزها ما يطلق عليه شعبيا بـ "الغدارة".
وحاولنا تصوير تلك الأنواع إلا أن البائعين واجهونا بالمنع التام، الأمر الذي أجبرنا على استخدام كاميرا الجوال لتصويرها.
وأكد "محمد علي" أحد البائعين في محال بيع الخردوات بالجملة داخل السوق، الذي رصدنا فيه أنواعا من تلك الأسلحة، أن هذه البضائع ليست ممنوعة أو محظورا بيعها، مشيرا إلى أن الجهات الرقابية في البلديات تقوم بجولات دورية عليهم ولم تمنع بيعها أو تصادرها أو توجه لهم تساؤلات عن مصدرها، مؤكدا أنهم يبيعون يوميا كميات كبيرة لأصحاب المحال سواء في جدة أو غيرها من المدن الأخرى.
وعن طريقة إدخال مثل هذه النوعيات الصغيرة من السكاكين، بيّن البائع أن هذه البضائع تدخل كأي بضائع أخرى حيث تمر بالتفتيش في الميناء ولم يتم منعها سابقا من الجمارك أو كافة الجهات التي تمر من خلالها قبل دخولها للسوق السعودية.
وتباع تلك الأسلحة بأسعار زهيدة جدا، حيث قال البائع إنهم يبيعونها بسعر يتراوح بين ريال أو ريالين، لافتا إلى أن هذا هو سعر الجملة لأصحاب المحال أو البسطات، الذين يبيعونها على المواطنين بأسعار تراوح بين 10 و 40 ريالا للقطعة الواحدة.
#2#
وحول تداول هذه الأسحة بسهولة بيعا وشراء في تلك المحال وعدم مصادرتها، قال سامي الغامدي مدير المركز الإعلامي في أمانة جدة: "إن الأمانة لا يمكن أن تصادر أي منتجات إلا بتوجيهات واضحة وصريحة من قبل الجهات المعنية، وفي حال ورد لها ما يمنع ويحظر بيع أي منتجات سواء أسلحة بيضاء أو غيرها، وكان التوجيه من قبل الجهات المعنية مثل الجهات الأمنية فيما يخص الأسلحة البيضاء فسيتم منع بيعها في المحال مباشرة ومصادرتها".
وأكد الغامدي أنه في الوقت الحالي لا يوجد نص واضح يمنع مثل هذه الأسلحة، ولم يرد للأمانة توجيهات لمنع مثل هذه المنتجات، مشيرا إلى أن الأمانة لديها شروط صحية وكل ما يتعلق بالسلع من متابعة وحظر أي ممنوعات توجد عليها توجيهات أو سبق أن تم حظرها من الجهات المعنية، كما أنها تقوم بجولات ميدانية بشكل دوري لكشف أي مخالفات تقوم بها المحال التجارية.
وأشار إلى أن أمانة جدة تعمل وفقا للاشتراطات البلدية، ولا يمكن أن تتجاوز في ذلك، وفيما يخص الأسلحة البيضاء من سكاكين وغيرها، فإن استخدامها قد يكون شاملا حيث لها استخدامات عديدة، ولا يمكن في هذه الحالة أن يتم منع بيعها إلا بعد توجيه من الجهات المختصة. \واتجهنا إلى وزارة التجارة لمعرفة ما إذا كان سحب تلك البضائع من السوق أو وضع شروط تحد من بيعها على المراهقين أو وجود لائحة تفصيلية لتلك الأنواع من البضائع، ليؤكد عبد الإله بن مشيط مدير فرع وزارة التجارة والصناعة في منطقة مكة المكرمة، أن الوزارة معنية بأي سلع مغشوشة أو أي تصرف يدخل ضمن قضايا الغش التجاري.
وأشار ابن مشيط إلى أن وزارة التجارة والصناعة وضعت لوائح وقواعد واضحة فيما يخص البضائع المغشوشة والمحظورة، وهي تعمل دائما على محاربة الغش التجاري بكافة أنواعه، أما ما يخص بيع الأسلحة البيضاء من سكاكين وغيرها فهي ليست من اختصاص الوزارة، وليس هناك توجيهات بمنع مثل هذه البضائع، لافتا إلى أن هذه البضائع قد تتعدد استخداماتها وليست في المشاجرات فقط وفي هذه الحال لا يمكن منع بيعها.
من جهته، أشار مراد حلواني الباحث الاجتماعي والمهتم بشؤون المراهقين، إلى ارتفاع نسبة الجريمة بين المراهقين في السنوات الأخيرة، مؤكدا أن أغلب تلك الجرائم تبدأ بمشاجرات بسيطة لتنتهي أحيانا بكوارث، معتبرا حمل الأسلحة البيضاء وتحديدا الصغيرة منها والتي يتم إخفاؤها بسهولة قد تساهم بشكل كبير في وقوع جرائم كبرى قد تصل للقتل، حيث إن المراهقين ليست لديهم التوعية الكافية بخطر استخدام هذه الأسلحة. وأضاف أن المشاجرات بين المراهقين التي عادة ما تكون في المدرسة أو عند الخروج منها أو في الشارع غالبا ما يتم استخدام أسلحة بيضاء فيها، ما يؤدي إلى وقوع إصابات، مشيرا إلى سهولة الحصول على مثل هذه الأسلحة وبأسعار زهيدة جدا وفي متناول الجميع يساعد على ارتفاع معدلات الجريمة بين صفوف المراهقين.
وشدد حلواني على ضرورة وضع لوائح وعقوبات تمنع بيع أي سكاكين أو أسلحة بيضاء التي يمكن استخدامها في المشاجرات فيما استخداماتها الأخرى تكون ضعيفة أو قد يمكن الاستغناء عنها، مطالبا بالتشديد ووضع العقوبات على المحال التجارية التي تقوم ببيع السكاكين والأسلحة البيضاء على المراهقين، نظرا لمساهمتها في ارتكاب الجرائم وارتفاعها.
وهنا يقول المقدم عاطي القرشي المتحدث الرسمي في شرطة منطقة مكة المكرمة: "إن حمل أو إشهار الأسلحة البيضاء لغرض التهديد أو الاعتداء جريمة يعاقب مرتكبها بموجب النظام ، كما يمنع حمل تلك الأسلحة في العديد من المرافق العامة كالمطارات والأسواق والمدارس وغيرها، ومن يتم ضبطه وبحوزته تلك الأسلحة يتم تطبيق النظام في حقه بموجب نظام الإجراءات الجزائية ولائحته التنفيذية".
من جهته، أكد لـ "الاقتصادية" مصدر أمني في وزارة الداخلية - رفض الكشف عن اسمه - أن مشاركة الأسلحة البيضاء من سكاكين وغيرها في جرائم القتل تتراوح بين 40 و 50 في المائة، مشيرا إلى أن هذه الأسحة تساعد بشكل كبير على وقوع جرائم القتل خاصة خلال المشاجرات أو السرقات، مؤكدا عدم وجود نظام يمنع بيع تلك الأسلحة البيضاء.