مسلسل «صديق العمر» .. لهجة «سليمان» السورية تفقده تقمص «عبد الناصر»

في الوقت الذي سارع فيه عديد من الفنانين المصريين إلى تجسيد شخصة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فنجح من نجح وأخفق من أخفق، أعاد مسلسل "صديق العمر" الذي يعرض حاليا في رمضان النقاد إلى حلبتهم مرة ثانية بين مؤيد لنجاح هذا الفنان في تجسيد الشخصية وفشل آخر؛ إلا أن اللهجة السورية الواضحة على لسان بطل المسلسل الفنان السوري جمال سليمان اعتبرها البعض القشة التي قصمت العمل الدرامي.

وإذا كانت شخصية جمال عبد الناصر يعتبرها البعض من أصعب الشخصيات على أى فنان، نظرا لصعوبة الوصول إلي عمقها وتجسيدها بالطريقة الصحيحة، فإن الصعوبة تتجدد إذا كان العمل الدرامي يجسد دور شخصية أجمعت على حبها الملايين، ولها رؤية وبصيرة وبصر حاد يصعب اختراقه.

وقال عنه "جوزيف تيتو" الرئيس اليوغسلافي الراحل في مذكراته عندما تحدث عن عبد الناصر، "إن أحداً لا يجرؤ للنظر إلى عينيه القويتين العميقتين"، وهو ما لم يصل إليه الفنان السوري جمال سليمان الذي يجسد حاليا دور عبد الناصر في مسلسل "صديق العمر" الرواية الدرامية التي تحكي قصة الزعيم والمشير عبد الحكيم عامر.
وبعد عرض الحلقة الأولى من العمل الذي شغل الكثيرين أثناء تصويره ومراهنة صناع العمل على نجاح الفنان السوري جمال سليمان تجد نفسك للوهلة الأولى أمام مقارنة محيرة ما بين جمال الفنان ونفسه فلم يقترب من روح الزعيم التي لا تزال حاضرة في قلوب المصريين والعرب.
#2#
فقط هي محاولة من جمال الفنان للوصول إلي الهدف المنشود والدخول بنا إلى عالم عبد الناصر؛ لكن المحاولة تظل اجتهادات فلم نرَ صورة الزعيم عبد الناصر تتجسد أمامنا بل رأينا مجرد ملابس وماكياج وديكور وإضاءة.. أشياء توحي بالتاريخ الزمني وليست معنية بروح الشخصية التي تاهت بين ثنايا الحوارات المعروفة سلفا من قبل عدد من الفنانين الذين اجتهدوا في تجسيد صورة الزعيم بشتى الطرق عبر تاريخ الدراما المصرية، ومنهم من تعاطى مع الشخصية بطريقة حاسمة مثل الفنان أحمد زكي عندما خرج لنا على الشاشة وهو يحمل بعضا من صفات الزعيم وليس بعضا من ملامحه.

فالتركيز على الصفة جعل النجاح حليفا لأحمد زكي، الذي يعتبر من الفنانين القلائل الذين حصلوا على إشادة من الجمهور من حيث الأداء المقنع.
ويأتي بعده الفنان رياض الخولى وحصوله على نصيب الأسد من حياة الزعيم، فقد أدى الدور في كثير من الأعمال الفنية ولم يقم بتقليده في حركته وطريقة كلامه بل عمل على روحه، حيث أجاد تقمص بعض من صفاته مثل الرصانة والهدوء.
وقد أرجع بعض النقاد عوامل نجاح "الخولى" إلى أن دور عبد الناصر في الأعمال التي أداها لم تكن تخص الشخصية وحدها بل كانت جزءا منها، وأهم تلك الأعمال "كوكب الشرق" أم كلثوم، حتى إنه قيل وقتها على لسان إحدى بنات الزعيم الراحل "إن رياض الخولى هو أفضل من جسد دور والدها".
فقد دفع تفوق الخولي في أداء شخصية ناصر صناع الأعمال الدرامية للاستعانة به لأداء نفس الشخصية في مسلسلي "فارس الرومانسية" عن قصة حياة الأديب يوسف السباعي و"رد قلبي".
#3#
#4#
وبالرجوع للحديث عن الفنان السوري جمال سليمان التي غلبته لهجته السورية وطغت على حواراته وستظل معه لنهاية الحلقات تلك هي الإخفاقات، التي كان لا بد من مراجعتها مع مصحح لهجة يعرف قيمة العمل الفني؛ لكن ربما هو الاستسهال الذي جعل المسلسل يقع تحت طائلة النقد الفوري، الذي حذر منه كثير من النقاد قبل البدء في تنفيذ العمل من حيث جنسية الفنان المؤدي للشخصية.

وتلك هي أهم المحاور التي لم يلتفت إليها مخرج العمل، فيبدو أنه فقط راهن على اسم الفنان السوري جمال سليمان وقدرته التمثيلية التي لا ينكرها أحد، فهو فنان له قيمة فنية عربية لكن تلك الثغرات كان لا بد من تداركها، ومنها أيضا عامل السن، فقد بدا سليمان أكبر سنا إضافة للتركيز على الحياة السياسية للزعيم والمعروفة سلفا لكثيرين، والأهم من ذلك هو عين المشاهد الثاقبة الرافضة للعمل الفني قبل مشاهدته، فالكل لا يتخيل عبد الناصر بعيدا عن مصر، أي أنه كان لا بد من تجسيده من قبل فنان مصري، حتى تحدث الألفة الدرامية بين المشاهد والفنان، وهي من أهم عوامل نجاح العمل ككل خاصةً الشخصيات التاريخية.

وعلى صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" دون الكاتب المصري محمود الطوخى رأيه في العمل الدرامي وكتب "الفنان السوري جمال سليمان ممكن يكون اسمك جمال وقامتك طويلة مثل جمال عبد الناصر وممكن فنان الماكياج محمد عشوب أبرع؛ لكن مع ذلك أنت لست جمال عبد الناصر لا تقدر على تمثيله ولا قادر على تقليده ولهجتك السورية غلبتك تماما.. منحك هذا الدور هو جريمة .. الله يرحم أحمد زكي.. لم يكن في شكل ولا طول ناصر بس كان ناصر، رياض الخولي كان ناصر، مجدي كامل كان ناصر، خالد الصاوي كان ناصر، مسلسل "صديق العمر" فقد مصداقيته عندي كمعاصر لجمال عبد الناصر".