إبراهيم .. قليل دائم

لعل البعض قرأ قصة عالم الفيزياء السبعيني الذي كان يقضي خمس ساعات كل أسبوع في خدمة المرضى النفسيين في أحد مستشفيات واشنطن. تلك حالة منتشرة في أغلبية المجتمعات الغربية. الواقع أن هناك تخفيضات ضريبية يحصل عليها المواطن الذي ينفذ أعمالاً خيرية مهما صغرت.
بالأمس كتب الشاب إبراهيم الذي يرقد في مستشفى الملك خالد الجامعي، تغريدة عن حالته وفقدانه الونيس في المستشفى البارد. أمثاله من المرضى المزمنين كثير في مستشفياتنا اليوم، بل إن بعض المستشفيات تستأجر مباني خاصة لتنويم هؤلاء المرضى الذين لا يحصلون على اهتمام كاف من أسرهم يعيدهم للمنزل، ولا تسهم الجهات الحكومية أو الخاصة أو الخيرية بتوفير العناية لهم في المنازل.
تقاطر الناس على المستشفى بشكل جعل كل البرامج تتابع وكل وسائل التواصل تمتدح. تقدم رجال أعمال وفاعلو خير للتبرع لعلاج الشاب الذي غرد بأن علاجه ممكن في ألمانيا. كل هذا جميل ويستحق الإشادة والثناء. وبحكم مشاركتي قبل سنين في لجنة تحسين الجودة في أحد المستشفيات أقول:
حالة إبراهيم عينة تمثل حالات كثيرة. هؤلاء يستحقون أن نعمل على تخصيص جزء من وقتنا لزيارتهم، وهو أمر يقوم به قلة من الباحثين عن الأجر، والمهتمون بالعمل الخيري.
الجهات التي يجب أن تعمل على تقديم الخدمة وتقليل المعاناة النفسية والجسدية لهم لا تقوم بدورها بالشكل الصحيح، وإلا فلماذا لا تهتم وزارة الشؤون الاجتماعية بدفع مثل هذه المبادرات وتشجيع الناس للعناية بمرضاهم؟!
كيف يتوقف دور وزارة الصحة عند توفير سرير وعناية محدودة في المستشفى دون العمل على إيجاد برنامج متكامل يوصل الخدمة لمنازل المرضى طويلي الإقامة والذين يحتاجون إلى عناية محدودة؟ أليس من المهم أن تعمل الوزارة بالتعاون مع الجمعيات الخيرية والجهات الحكومية الأخرى لتكوين منظومة تعيد من يمكن إعادتهم إلى منازلهم من خلال توفير عناية معقولة؟
قد يذهب أحدنا بعد أسبوعين ليزور إبراهيم أو واحد ممن يعانون المشكلة نفسها، فلا يجد عنده أحداً. نحن شعب عاطفي سريع التفاعل نحتاج إلى إدامة مثل هذا التفاعل وتحويله إلى عمل مؤسسي تشجعه الجهات الخيرية والحكومية والخاصة، لأن "القليل الدائم خير من الكثير المنقطع".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي