الشكوك تحوم حول تحذيرات تغير المناخ
منذ مطلع القرن الحادي والعشرين والضغوط تتزايد بقوة على صناعة الوقود الأحفوري للحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بدعوة التخفيف من تأثير تغير المناخ.
البعض من علماء البيئة يعتقدون أن الضرر البيئي المحتمل، والأضرار الاقتصادية الجانبية التي قد تنتج عنه، ستصبح خارجة عن السيطرة إذا ما ارتفعت درجات الحرارة العالمية على المدى الطويل درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
في هذا الجانب، أكدت مجموعة من الدراسات صدرت حديثا حالة عدم اليقين داخل المجتمع العلمي حول الآثار الطويلة الأجل على تغير المناخ الناجمة عن النشاط البشري. في المقابل هناك مجموعة أخرى من الدراسات، بما في ذلك واحدة صدرت حديثا عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ IPCC، كررت أيضا أن تغير المناخ يشكل تهديدا على كوكب الأرض.
وتضيف هذه الدراسات، أن الضرر المحتمل على كوكب الأرض من جراء ارتفاع درجات الحرارة سيكون من الصعب قياسه، مع وجود مجموعة واسعة من المتغيرات المحتملة سيكون من الصعب جدا التنبؤ بدقة بآثاره المحتملة. هذه الدراسات فتحت بدورها النقاش حول كيفية وضع صيغة للاستجابة لارتفاع انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون وكيف ينبغي أن يخفف استخدام الطاقة، خاصة الوقود الأحفوري.
في هذا الصدد، حذر بعض المحللين مما يطلقون عليه "فقاعة الكربون" الناتجة بسبب الإفراط في تقييم احتياطيات النفط، والغاز، والفحم التي تحتفظ بها الدول المنتجة وشركات الوقود الأحفوري. حيث تعتقد دراسة صدرت حديثا عن إحدى دور المعرفة المعنية بانبعاثات الكربون بأن على الأقل ثلثي الاحتياطيات المؤكدة حاليا يجب أن تبقى تحت الأرض إذا كان العالم سيلبي متطلبات الاتفاقات الدولية القائمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بما لا يزيد على درجتين مئويتين.
لكن العديد من المسؤولين في شركات النفط العالمية والمختصين يقولون إن هناك حاجة إلى جميع احتياطيات النفط والغاز الحالية، جنبا إلى جنب مع استثمارات كبيرة في المستقبل لتلبية الارتفاع المؤكد في الطلب العالمي على الطاقة.
لقد درس تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) الذي صدر أخيرا بعنوان "تغير المناخ عام 2014: التأثيرات التكيف وسرعة التأثر" آثار تغير المناخ التي حدثت حتى الآن، المخاطر المستقبلية التي تشكلها على كوكب الأرض وكيف يمكن التكيف معها والحد من تلك المخاطر. في هذا الجانب تقول الدراسة إن ظاهرة الاحتباس الحراري تزيد من احتمال الآثار البيئية الشديدة والواسعة ومن أنماط الطقس المتطرفة، التي قد تكون دائمة.
على الرغم من الرسالة المثيرة للقلق التي قدمها تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC)، إلا أن التقرير يعترف بصراحة بوجود أوجه عدم يقين رئيسة في توقع عواقب تغير المناخ. حيث إن طبيعة النظام المناخي العالمي غير الثابتة والعشوائية تفرض قيودا طبيعية على مدى دقة تنبؤات المناخ المستقبلية. في هذا الصدد، أشار التقرير إلى أنه من المرجح أن يكون متوسط درجة حرارة الهواء في العالم بين عامي 2016 و2035 أعلى بواحد درجة مئوية فقط مما كان عليه بين عامي 1850 و1900.
إضافة إلى ذلك أثار ملخص تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC) الذي نشر أولا بعض الجدل، حيث إن عددا من المنتقدين وجدوه مثيرا لقلق لا داعي له، ولا سيما أن التقرير الكامل اتخذ نهجا أكثر توازنا في طرح الموضوع وتحديد أوجه عدم اليقين في النتائج.
تجدر الإشارة هنا إلى أن هذه التوقعات عادة ما تكون مبنية على نماذج رياضية خاصة بالمناخ، هذه البرامج تعد بالكامل تقريبا من قبل علماء متحيزين إلى ظاهرة الاحتباس الحراري. معدل الاحترار المتوقع (المحسوب) من قبل هذه النماذج أو البرامج الرياضية يعتمد بالأساس على العديد من الافتراضات المعقدة، مثل كيف سيتفاعل بخار الماء والسحب مع الحرارة التي قد تنتج من ثاني أكسيد الكربون أو معدل امتصاص أو استيعاب المحيطات للحرارة وغيرها. عند تطبيق هذه البرامج على فترات زمنية سابقة، النتائج كانت دائما تبالغ في درجات الحرارة التي تسخنها الأرض مقارنة بما نراه في المناخ الواقعي.
من جانب آخر، تشير جميع شركات الطاقة في العالم إلى أن أفضل وسيلة للتخفيف من آثار تغير المناخ هي تحسين الكفاءة في استهلاك الطاقة، ولا سيما أن عدد سكان العالم والطلب العالمي على الطاقة سيستمران في الارتفاع. في هذا الجانب بين تقرير صدر أخيرا عن شركة إكسون موبيل أن العالم يجب أن يبحث عن سياسات كفؤة اقتصاديا تعمل على ايجاد حالة من التوازن بين الحد من المخاطر المناخية وباقي الاحتياجات التنموية العالمية.
في هذا الصدد، أشار تقرير شركة إكسون موبيل إلى أن عدد سكان العالم سيرتفع من نحو سبعة مليارات نسمة حاليا إلى نحو تسعة مليارات في عام 2040. كما أن تحسين مستويات المعيشة لمليارات الناس سيؤدي إلى ارتفاع الطلب العالمي على الكهرباء بنسبة 90 في المائة، وارتفاع الطلب العالمي على الطاقة بنحو 35 في المائة بين عامي 2010 و2040. في مجال الطاقة المتجددة يتوقع تقرير الشركة أن تنمو بنحو 8 في المائة سنويا حتى عام 2040، لكنها ستبقى تمثل 5 في المائة فقط من إجمالي مزيج الطاقة العالمية بحلول ذلك الوقت. يعود السبب في ذلك إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الطاقة المتجددة مقارنة بالوقود الأحفوري، الذي سيحد من التوسع في هذا القطاع. استنادا إلى هذه النتائج، يعتبر تحسين كفاءة استخدام الطاقة الطريقة الأكثر اقتصادية لخفض مخاطر التغير المناخي المحتملة. إضافة إلى ذلك، من المهم جدا أن نضع في الاعتبار أن العالم لديه أولويات وتحديات اجتماعية أخرى لا تقل أهمية، مثل الحصول على الطاقة بأسعار معقولة وموثوق بها، الحد من فقر الطاقة والفقر، خفض معدل وفيات الرضع، تحسين معدلات التحصيل العلمي وزيادة الرعاية الصحية ومتوسط العمر المتوقع، جميع هذه المتطلبات تتنافس على موارد مالية محدودة.