برنامج الابتعاث الخارجي .. رؤية ملك
من بين الإنجازات الحضارية والتنموية العديدة المباركة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود- يحفظه الله، إصدار أمره الكريم في 17/4/1426 بإطلاق برنامج للابتعاث الخارجي لمدة خمسة أعوام، ليشمل خلالها وفقاً لرؤية واستراتيجية البرنامج، ابتعاث أعداد كبيرة من الطلاب والطالبات إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول المتقدمة في تخصصات متنوعة تلبي حاجة سوق العمل من الوظائف المختلفة في المملكة العربية السعودية.
وبعد انتهاء المراحل الخمس الأولى من حياة البرنامج، وقناعة وزارة التعليم العالي بنجاح البرنامج، وتحقيقه الأهداف المنوطة به، طلبت الوزارة من مقام خادم الحرمين الشريفين التفضل بالموافقة على تمديده لمدة خمس سنوات أخرى اعتباراً من عام 1431، وجاءت موافقته- حفظه الله- على التمديد الأول للبرنامج لخمس سنوات أخرى في 1431/3/4.
وفي 1434/3/28 صدر الأمر الملكي الكريم بالموافقة على طلب وزارة التعليم العالي بالتمديد الثاني للبرنامج من العام المالي 1437/1436 تأكيداً على نجاح البرنامج، والسمعة العالمية التي حققها، وقلة نسب التعثر التي لم تتجاوز 2 في المائة.
ومن بين أبرز أهداف البرنامج ابتعاث الكفاءات السعودية المؤهلة للدراسة في أفضل الجامعات في مختلف دول العالم، والعمل على إيجاد مستوى عال من المعايير الأكاديمية والمهنية من خلال برنامج الابتعاث، وتبادل الخبرات العلمية والتربوية والثقافية مع مختلف دول العالم، وبناء كوادر سعودية مؤهلة ومحترفة في بيئة العمل، والرفع من مستوى الاحترافية المهنية وتطويرها لدى الكوادر السعودية.
وقد خضع البرنامج خلال مشواره ومسيرته المباركة للعديد من الخطوات والإجراءات بهدف التحسين والتطوير من الأداء، حيث على سبيل المثال لا الحصر، وفي ضوء النتائج والمعلومات التي يتم رصدها وتحليلها حول البرنامج من حيث التخصصات التي يحتاج إليها سوق العمل، تم إدراج ثلاثة تخصصات جديدة تشمل الإعلام الرقمي، والاقتصاد، وجيولوجيا التعدين، وذلك علاوة على الطب وطب الأسنان، والعلوم الطبية، والهندسة، والحاسب الآلي بجميع تخصصاتها، إضافة إلى العلوم الأساسية (الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، الأحياء)، والعلوم الإدارية (المحاسبة، المالية، التأمين، التسويق)، والنقل البحري، وتقنية النانو، والقانون.
ومن بين الإنجازات الأخيرة الطموحة لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، احتفاء الملحقية الثقافية السعودية بسفارة المملكة العربية السعودية بالمملكة المتحدة بتخرج متوقع لـ 3477 طالبا وطالبة، يمثلون الدفعة الرابعة من مبتعثي البرنامج في المملكة المتحدة، التي تضمنت عددا من التخصصات التي يشملها البرنامج في مرحلة الدكتوراه (849 طالبا وطالبة)، ومرحلة الماجستير (1575 طالباً وطالبة)، ومرحلة البكالوريوس (1051 طالباً وطالبة).
جدير بالذكر أن الملحقية الثقافية في سفارة المملكة العربية السعودية في لندن، قد دأبت على إقامة مثل هذا الاحتفاء الذي عادة ما يتزامن مع يوم المهنة، الذي أصبح حدثاً وتقليداً سنوياً درجت عليه الملحقية، بغرض إتاحة الفرصة أمام الخريجين من البرنامج للتواصل مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، للاطلاع على الفرص الوظيفية المناسبة لمؤهلاتهم وتخصصاتهم العلمية، تمهيداً لتهيئتهم للانخراط السليم في سوق العمل. إن تزامن مناسبة احتفاء الملحقية الثقافية بالسفارة السعودية في لندن مع يوم المهنة، لدليل واضح على الرؤية الثاقبة للملحقية في المحاولة الجادة والحثيثة لمساعدة الخريجين والخريجات من البرنامج للانخراط في سوق العمل بأسرع وقت ممكن، مما يقلل من مخاوف البعض أن البرنامج سيخرج المزيد المواطنين والمواطنات المؤهلين علمياً في تخصصات متعددة، قد لا يجدون وظائف وفرص عمل في سوق العمل قادرة على استيعابهم، ولا سيما حين النظر إلى ضخامة الأعداد التي تخرجت أو التي ستتخرج مستقبلا في البرنامج من الجنسين.
خلاصة القول؛ إن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي يعد من بين أبرز البرامج التعليمية على مستوى العالم، باعتباره يهدف إلى الرفع من مستوى الكوادر الوطنية علمياً في عدد كبير من التخصصات والمجالات العلمية، التي يحتاج إليها سوق العمل السعودي.
إن مثل هذا البرنامج وغيره من البرامج التعليمية التي تبنت تطبيقها الحكومة السعودية لجديرة- بإذن الله- بإصلاح العملية التعليمية في بلادنا بمختلف مراحلها الإعدادية والعامة والتأهيلية والجامعية بما في ذلك العليا، كونها تعمل على تحسين مخرجات التعليم من جهة، وتسعى إلى تهيئة التخصصات العلمية المناسبة لسوق العمل المحلي من جهة أخرى، ولا سيما حين النظر إلى ما تخصصه الحكومة في كل عام من مبالغ ضخمة نسبة إلى إجمالي حجم الميزانية للإنفاق على التعليم العام والعالي وتدريب القوى العاملة.
ويتوقع لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، أن يحدث نقلة نوعية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المملكة بقدرته على المزج بين مخرجات التعليم المحلي والخارجي، وإثراء سوق العمل والنشاطات الاقتصادية والتنموية المختلفة بالتخصصات العلمية التي تحتاج إليها البلاد بشكل عام، ويحتاج إليها سوق العمل بشكل خاص، ولا سيما حين النظر إلى تنوع تلك التخصصات وإلى تنوع أيضاً الجامعات والدول، حيث لم يقصر البرنامج الابتعاث على عدد محدود من الدول، بل شمل العديد من الدول على مستوى العالم، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، واليابان وغيرها.