القوانين والمعايير تضمن جودة أداء القطاع السمكي والصيد
الأرقام الخاصة بالاستزراع السمكي والصيد في السعودية مشجعة. وهي تدخل في نطاق الأرقام الإجمالية لإنتاج الغذاء بكل أنواعه ومناطقه سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. والمملكة بدأت استراتيجية واعدة في هذا المجال، واضعة أمامها استحقاقات الأمن الغذائي، الذي يمثل في النهاية جزءاً من الاستراتيجية العامة. وفي الفترة الماضية، صدرت مجموعة من القوانين وطرحت العديد من الخطط من أجل الوصول إلى أفضل مستوى على الصعيد الغذائي في السعودية، بما في ذلك تشجيع الاستثمارات الزراعية الخارجية، وتطوير الحاضنات الزراعية المحلية. ويحتاج الأمر إلى مزيد من الوقت، من أجل تثبيت مكامن الاستراتيجية الغذائية، وهذا أمر يمكن أن يتحقق، في ظل مرونة القوانين الجديدة، التي تدعم القطاع الخاص، وتطور عمل القطاع العام في هذا المجال.
يبلغ حجم استثمارات القطاع الخاص السعودي في الاستزراع السمكي والصيد أكثر من عشرة مليارات ريال. والاستزراع المذكور ينتج 12 ألف طن سنوياً. ومنح السلطات المختصة 200 ترخيص في الآونة الأخير، يرفع من جودة تطبيق استراتيجية الغذاء. وسبقت عمليات إصدار هذه التراخيص، خطة لاستزراع الطحالب، وتمضي هذه الخطة بصورة جيدة على صعيد التنفيذ. والأهم، أن العام الجاري سيشهد دخول مستثمرين جدد إلى قطاع الصيد والاستزراع السمكي. أي أن القطاع سيكون متجدداً، ويزداد قوة بصورة مستمرة. ومع الإضافات التي ستجد طريقها من خلال الإقبال على هذا النوع من الاستثمارات، فإن إنتاج السعودية سيصل إلى 30 ألف طن في العام الواحد. وهي كميات تتناغم (حسب الخبراء) مع الطلب المحلي. وإذا ما استمرت الأمور على هذا المنوال، فإن المملكة ستدخل مرحلة التصدير.
ليس هناك أفضل من قوانين ومعايير مرنة لضمان جودة أداء القطاع السمكي والصيد في المملكة. ويبدو واضحاً (من خلال التشجيع)، أن الأمر سيواصل السير بهذا الاتجاه. وإذا ما أضيفت إمكانات المملكة البحرية الطبيعية الهائلة، فإن النتائج ستكون عالية الجودة كماً ونوعاً. فالمملكة يمكنها أن تستزرع سمكياً في كل من مياه الخليج العربي والبحر الأحمر، فضلاً عن المياه المحلية الداخلية لها. وهذا أمر ليس متوافراً للعديد من دول المنطقة. وحسب المسؤولين، فإن حجم الإنتاج قد يصل إلى 100 ألف طن في غضون ثلاث سنوات. المهم أن تمضي المخططات بصورة سلسلة، وأن تكون أدوات التمكين جاهزة دائماً. وتبقى أهم النقاط الحورية في هذا المجال، هي تلك المتعلقة بدعم صندوق التنمية الزراعية السعودي لمجموعة كبيرة من مشاريع الاستزراع السمكي والصيد.
ولا بد أيضاً من ملاحظة الاستثمارات السعودية الزراعية الخارجية، التي تسهم أيضاً في تأمين الغذاء بكل أنواعه. فعلى الصعيد السمكي، هناك مشاريع واعدة في موريتانيا، ولا سيما مع وجود تشجيع حكومي هناك للمستثمرين السعوديين، وتشجيع مقابل له من جانب المملكة أيضاً. وفي كل الأحوال، يمكن للسعودية دخول مرحلة جديدة مختلفة في الإطار الغذائي، عندما تستكمل كل الأدوات الخاصة بالإنتاج محلياً وخارجياً. وأمام الحراك الخارجي، من الطبيعي أن تحظى السوق السعودية بالأفضلية على صعيد الإنتاج الزراعي ـــ الغذائي للمستثمرين السعوديين في الخارج، دون أن تنال هذه الأفضلية من الفوائد الاستثمارية المحقة.
إن تحرك المملكة على الصعيد الزراعي بكل أنواعه، لا يقل أهمية عن تحركها في إطار التنمية المستدامة. فما تملكه السعودية من قدرات ومقدرات يكفل لها تحقيق قفزات واسعة في هذا القطاع الحيوي. وتأمين الاكتفاء الغذائي، سيقود حتماً إلى مرحلة أخرى تتمثل في القدرة على التصدير، الذي سيشكل في النهاية جانباً من جوانب الدخل الوطني. والتنويع في الإنتاج الغذائي ـــ الزراعي، يوفر حصانة مطلوبة من أي مستجدات سلبية قد تظهر هنا أو هناك.