معرض الكتاب .. والأسئلة الثلاثة
معرض الرياض الدولي للكتاب يتطور عاماً بعد عام حتى أصبح أحد العلامات الثقافية البارزة على المستوى الإقليمي والدولي أيضاً .. وأثناء جولة في المعرض دارت في ذهني ثلاثة أسئلة أجاب عنها المعرض بأجوبة مقنعة على وقع أقدام رواده من رجال ونساء وأطفال وهم يذرعون الممرات ويقفون عند كل جناح يفتشون عما يروي ظمأهم للثقافة الحقيقية والمعلومة الصحيحة بعد أن كادت وسائل التواصل الحديثة تطمس الحقائق وتتلاعب بالمعلومات لدرجة لم يعد هناك فاصل بين الحقيقة والخيال.
وأول الأسئلة التي وجدت الأجوبة عنها بوضوح في معرض الكتاب هو هل نحن شعب لا يقرأ وإنما نشتري الكتب لنكمل بها ديكور مكاتبنا ومنازلنا؟ والجواب أن من يشتري الكتاب ليس من الضروري أن يقرأه في اليوم نفسه أو الشهر أو حتى السنة .. فسيأتي يوم يتقاعد فيه من اشترى الكتاب ويتلفت ليجد الأبناء والأصحاب قد انفضوا من حوله فلا يجد إلا "خير جليس" .. ولعل أهم ما يطمئن حول احتفائنا بالكتاب واستمرار ذلك مستقبلا أن الأطفال قد أصبح لهم أجنحة مستقلة وكبيرة ومهمة في المعرض وأن معظم رواد المعرض يصطحبون أطفالهم ويتيحون لهم فرصة اختيار الكتب والحديث عن اهتمامهم بالقراءة وأمنياتهم في المستقبل، وهذا يشير إلى إمكانية عودة اهتمام الأطفال والشباب بالكتاب إلى جانب احتفاظهم بأجهزة التقنية الحديثة التي انشغلوا بها أخيرا بشكل ملحوظ.
أما السؤال الثاني الذي وجدت الجواب عنه في معرض الكتاب فهو هل السعودية أكبر سوق للكتب في العالم العربي؟ والجواب يظهر في رفوف أجنحة المعرض التي تبدأ مليئة بالكتب ثم تبدو في الأيام الأخيرة فارغة، ما جعل دور النشر تتسابق على الاشتراك في معرض عاصمة العرب التي تتمتع بكثافة سكانية وقوة شرائية عالية، ولقد كانت بلادنا هكذا منذ أربعة أو خمسة عقود ونتذكر أن مجلات عربية عديدة كانت تقف عن الصدور إذا منعت من الدخول إلى السوق السعودية.
أما السؤال الثالث الذي حسم جوابه جدل كبير حول هل يقضي الكتاب الإلكتروني على الكتاب الورقي؟ فقد ثبت أن رائحة الورق لها جاذبية خاصة سواء في الكتب أو في الصحافة الورقية، وأن القراءة في الكتاب الورقي ووضع العلامات والخطوط تحت الأسطر هي ما ترسخ الثقافة في العقول .. أما القراءة الإلكترونية فلا تترك في عيون وعقول متابعيها إلا الألم والصداع.
وأخيراً: تحية لوزارة الثقافة والإعلام ولوكالة الوزارة للشؤون الثقافية وإدارة المعرض على وجه الخصوص على تطوير أساليب العرض عاماً بعد عام .. كما أن التغطية الإعلامية المباشرة واليومية عبر "القناة الثقافية" قد أضافت تفاعلاً وحيوية لا يتوافران للكثير من معارض الكتب التي تقام في المنطقة العربية.