حسد الفيس بوك

كنت أعتقد ومن مبدأ جلد الذات أننا - كشعوب عربية - الوحيدون المشغولون بمراقبة الغير وسيطرة مشاعر الغيرة والغبطة علينا، والتي تتحول في كثير من الأحيان إلى حسد، يصيب أحدنا من جراء مقطع نشره لموهبة يتميز بها، أو تصوير حياته السعيدة وهداياه التي تلقاها من هنا وهناك حتى دون مناسبة، ولكني فوجئت عند قراءتي دراسة حديثة قامت بها جامعتا "همبولدت" و"تي يو دارمستادت" الألمانيتان، وشملت نحو 600 مستخدم لـ "فيس بوك"، أظهرت أن وسائل التواصل الاجتماعي ومن بينها "فيس بوك" وطبعا "إنستجرام" و"تويتر" و"واتس" هي أحد أهم أسباب انتشار الحسد ومشاعر عدم الرضا في المجتمع الغربي، فهم لا يرون منك سوى إنجازاتك.
تقول "كراسنوفا" الباحثة في جامعة "همبولدت":
"إن إتاحة الوصول إلى قراءة كم كبير من الأخبار الإيجابية والصفحات الشخصية profiles لأصدقاء "ناجحين" تعزز المقارنة الاجتماعية التي تثير مشاعر الحسد بسهولة، وتسمح الشبكات الاجتماعية إلى حد كبير للمستخدمين بوصول غير محدود لمعارفهم على الشبكة، والحصول على معلومات أكثر من أي مصدر آخر".
وتضيف "إن أكثر الناس عرضة للمشاعر السلبية والإحباط هم أولئك الذين لا ينخرطون في أي تواصل اجتماعي على أرض الواقع، وينهلون من الشبكات الاجتماعية باعتبارها مصدرا رئيسا للمعلومات، قراءة مشاركة الأصدقاء، وتصفح الصور".
وتبين الدراسة أن مشاعر الإحباط والحسد تُدخل المستخدمين فيما يسمى "دوامة الحسد"، فعندما تتملك المستخدم مشاعر الحسد والمقارنات يحاول أن يجمل صورته لدى الآخرين بادعاء ما لا يملك، ويضع صورا مبالغا فيها عن حياته، مما يثير حسد الآخرين، وهكذا.
وتختلف مثيرات الحسد باختلاف المجتمعات، فقد وجدت الدراسة أن أكثر ما يثير غيرة وحسد الألمان كل ما يتعلق بالسياحة وقضاء أوقات الفراغ، وهذا نتيجة الكم الهائل من صور الرحلات والنزهات لقضاء أوقات الفراغ، وهي عادة منتشرة في ألمانيا.
وفي دراسة أمريكية مشابهة قام بها علماء نفس على 80 مستخدما لـ "فيس بوك"، بينت أنهم يصابون بتقلب المزاج ويميلون إلى العزلة، نتيجة شعورهم بالغيرة والكره والحسد، لشعورهم الدائم أن من حولهم أفضل منهم، بناء على ما يبثونه على صفحاتهم.
أما "باميلا كيل" فقد رصدت مشاعر القلق والتوتر وعدم الرضا واضطراب العادات الغذائية لدى 680 فتاة، بعد استخدامهن "فيس بوك" لفترات متفاوتة، نتيجة مقارنة مظهرهن بمظهر الفتيات الموجودات على صفحات التواصل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي