مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم إلى أين؟!

في عام 1428هـ صدرت الموافقة السامية على مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم، أي أن ما يقارب سبع سنوات مضت من عمر المشروع، ولا يزال في مراحله الأولية، إن لم تكن مرحلة الحبو البطيء، وفي مقابلة مع الرئيس التنفيذي المشرف العام على المشروع في جريدة "الجزيرة" بتاريخ 1434/11/1هـ ذكر أن المشروع خلال الفترة الماضية ركز على الخطط الاستراتيجية القصيرة، والمتوسطة، والطويلة المدى، وأوضح المشرف العام أن تنفيذ هذه الخطط تحتاج إلى عشر سنوات مقبلة. لكنه أشار إلى أن المشروع بدأ تنفيذ بعض البرامج، حيث تم الانتهاء من تطوير 900 مدرسة موزعة على 14 منطقه تعليمية، إضافة إلى تدريب بعض المعلمين، وأندية مدارس الحي ذات الطابع الترويحي والتعليمي.
الخطط الاستراتيجية استغرقت سبع سنوات، والتنفيذ يحتاج إلى عشر سنوات أمر يحتاج التوقف عنده، والتساؤل: هل توجد إشكالات إدارية، أو مالية، أو ثقافية، أم أن الإشكالية تكمن في قلة الخبرة القادرة على توجيه المشروع وإدارته بالشكل الصحيح؟
من الإنجازات التي يشير إليها المسؤولون في هذا المشروع إنشاء ثلاث شركات مرتبطة بمشروع تطوير، ومن هذه الشركات شركة تطوير للخدمات التعليمية، وفي تصريح لافت للانتباه للمشرف العام على المشروع والرئيس التنفيذي لشركة تطوير الخدمات التعليمية ذكر أن الشركة وقعت عقداً مع مؤسسة تعليمية بريطانية لتدريب القيادات التربوية. القراءة المتأنية لواقع مشروع تطوير التعليم بحركته البطيئة تستدعي التساؤل: هل التداخل في الأدوار هو السبب في حالة الجمود إن لم يكن التعثر في المشروع؟ تأملت في العلاقة بين إدارة المشروع وشركات التطوير، وتساءلت: ما الدور الذي تقوم به إدارة المشروع، وما الأدوار التي يفترض أن تقوم بها الشركات؟ كنت أتوقع أن الشركات هي التي تنفذ برامج ومشاريع التطوير لكن توقيع عقد تطوير القيادات التربوية مع مؤسسة تعليمية بريطانية أسقط هذا التوقع وأزال اللبس بشأن دورها الذي تقوم به، وخرجت باستنتاج أن هذه الشركة ما هي إلا مظلة أشبه ما تكون بمقاولي عقود الباطن، إذ يوقع العقد مع مقاول (هامور) يقوم بدوره بالتوقيع مع طرف آخر. وإذا كان الأمر مجرد توقيع عقد فما المانع من أن تقوم إدارة المشروع بتوقيع المشروع بنفسها بدلاً من إسناد المهمة لشركة توفيراً للوقت والمال؟
شركات تدخل في أعمال مشروع بهذا الحجم ويحمل اسم خادم الحرمين الشريفين يفترض أن تكون لديها من الكفاءات والخبرة ما يؤهلها أن تكون بيت خبرة في المجال يتم الرجوع إليها، والاستفادة من خبرتها لكن تصريح المشرف العام كشف أن هذه الشركات ما هي إلا وسيط، لكن قد تكون تكلفة الوساطة غالية الثمن، وعلى حساب الأمور الأساسية والجوهرية في المشروع، وهذا يشكك في أهلية الشركات لتحقيق الأهداف السامية التي طرح من أجلها خادم الحرمين الشريفين مشروع التطوير، ويتطلع المواطنون إلى تحقيقها في الميدان التربوي . أن يجمع فرد واحد بين منصبي المشرف العام على المشروع والرئيس التنفيذي لشركة تطوير يحدث خللاً في مسيرة المشروع يتمثل في صراع الدور وتعارض المسؤوليات، فلو حدث خلل من شركة تطوير التي تتولى عقدياً تنفيذ بعض البرامج لمصلحة مشروع تطوير فمن سيقوم بتقويم المنجز الذي تتولى الشركة التي يرأسها المشرف على المشروع؟ من بدهيات الإدارة وأبجدياتها أن تداخل الأدوار وتجمع أكثر من مهمة عند فرد واحد يحدث لديه تعارض المصالح، وهذا ما يتضح جلياً في مشروع تطوير التعليم، فالمشرف على المشروع لا يمكن أن يدين الشركة مهما ارتكبت من أخطاء أو تجاوزات لأنه هو المدير التنفيذي للشركة، ووفق هذه الفلسفة الإدارية الفذة يكون المشروع في حالة: وأنت الخصم والحكم!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي