لغتي .. فخري !
لغتي .. فخري !
يقول الألماني فريتاغ "اللغة العربية أغنى لغات العالم" ..
سألني مرة أحدهم، ما الذي تتوقعه لمستقبل اللغة العربية، هل يكون لها صدى في مستقبلنا أم أنها ستذوب أما شعاع اللغات الأخرى، وتذبل جراء حرارة التهابها ونشاطها إلى أن تضمحل وتختفي، فأجب بكل بساطة كيف تغيب والقرآن هو العمود الفقري الذي يقوّم اعوجاجها مع مرور الأزمان بل هو من سيساهم في حفظها من الانقراض بعد الله سبحانه.
أنهينا حديثنا هذا ثم سرحت في كومة خيالاتي، أخذني التفكير في حال الشباب من هم بمثل سني أو حولي، أنظر في حالي وحالهم من لغتنا، فهالني ما وصلتُ إليه، حيث أن البعض منهم أصبح ينظر للغة العربية نظرة دونية لا تتعدى كونها لغته الأم، والتي أصبح يتوجس فيها الضعف وعدم التطور، متناسياً أنها أصعب اللغات وأكثرها كمالاً وأعذبها تعبيرا.
هل نسينا أن لغتنا هي أم اللغات فلولاها لما كان للغات الأخرى أي ذكر، هل نسينا تلك الأسواق التي أُسست على شرف اللغة العربية، أم غفلنا عن أصدائها في دمشق وقرطبة وبغداد، وأين ذهب جهد أولئك المسلمون الذين خدموا اللغة بأن عكفوا على التدوين والتأليف في شتى المجالات، كانت هي لغة الإزدهار والعلم والمعرفة وأساس الحضارات.
هو الحظ يقوم تارة ويسقط تارة أخرى، إن ما يحدُث من ضعف للغتنا في هذا العصر ماهو إلا بسبب ضعفنا نحن، وضعف علمنا وإنجازاتنا، فمن جهة تجد أن البعض يحاول إيصال المعلومة لآخر عن طريق لغة أخرى، وكلهم يتحدثون العربية، ومن جهة أخرى تجد آخر يفخر بأن يكون كلامه بلغة أجنبية بدلاً من لغته الأم، أنا لست ضد تعلم اللغات الأخرى، لكني أيضاً مع الفخر بلغتنا والإعتزاز بها.
اللغة هي قيمة الأمة الجوهرية، وهي الأداة الرئيسية في نقل أفكارنا للآخر، لغتنا هي لغة القرآن، فبها نزل، وبها تعلمنا ديننا، فما بالنا اليوم لا نعتز بها ولا نلقي لها بالاً، ألا يكفينا بأنها أقدم اللغات وهي اللغة الوحيدة التي لا زالت تحتفظ بديدنها وجوهرها، من تركيب ونحو وصرف، لم تتغير ولم تتحول بفعل عوامل التعرية أو تضمحل مع الحروب والصراعات عبر الأزمان، فكما قال ويليام ورك "إن للعربية ليناً ومرونةً يمكنانها من التكيف وفقاً لمقتضيات العصر".
لغتي هي هويتي، فبدونها أنا لست أنا، لا أمثل شيئا، نكرة، بل صفراً على اليسار، لا يُعرف لي أصل ولا يُعرف لي منشأ، بدونها تائه، ألهث وراء الحضارات لأكمّل ذاتي وأعرف نفسي فلا أستطيع، لغتي هي من تُعرفني، هي حضارتي، هي مستقبلي، هي من تُعرفني للحضارات الأخرى وتجبرهَا على احترامِي .