السماء تمطر حديداً
في مطلع العام الحالي اكتشف العلماء جرماً سماوياً أطلقوا عليه اسم (لومان 16 ب) يبعد عن الأرض 64 تريليون كيلومتر، أي 6.7 سنة ضوئية، سماؤه تمطر حديداً سائلاً ومجموعة من المعادن وتصل حرارة سحبه إلى 927 درجة مئوية كأنها أمطار من الجحيم،
إذا علمت أن أعلى درجة حرارة قيست على سطح الأرض مقاسة في الظل بلغت 71 درجة مئوية فقط وسجلت في صحراء لوط في إيران!
ونعود إلى جرمنا السماوي الذي يسميه العلماء فيما بينهم (القزم البني) واكتشفوا المئات منه وأطلقوا عليها "النجوم الفاشلة" لأنها لا تضيء مثل النجوم، بل تبدأ دورتها الكونية ساخنة تبعث أضواء خافتة لا تؤهلها لتكون نجما مضيئا ثم تبرد تدريجيا، ما يجعل غلافها الجوي المملوء بعنصر الحديد السائل والعديد من المعادن يتكثف مثل بخار الماء مشكلا سحبا تنزل على سطح الجرم على شكل أمطار حديدية!
صمم لها العلماء نماذج بالكمبيوتر ليتمكنوا من رصد تغير درجات الحرارة على نجومنا الفاشلة ورسموا صورا تخيلية للأجرام والأمطار الحديدية عليها مكنتهم من دراسة ما يحدث هناك وتخيله.
وبهذا الاكتشاف المذهل قرُب إلى أذهان بعض العلماء الماديين الذين لا يؤمنون إلا بالأشياء المادية الملموسة معنى ما جاء في الآية الكريمة في قوله تعالى: "وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ"، التي أجمع المفسرون على أن معنى الإنزال هنا الخلق والإنشاء والتسخير، ومع الاكتشافات والمستجدات تبين أن ما ورد في الآية قد يكون إنزالا حقيقيا لا معنويا في صورة من صور الإعجاز الكوني، أي أن الحديد نزل إلى الأرض ولم يتكون عليها، فعنصر الحديد كي يتشكل تحتاج ذرته إلى كمية هائلة من الطاقة التي لا تتوافر على سطح الأرض، إنما في النجوم المنتشرة في الكون.
والآن يبقى السؤال الملح والمحير: كيف وصل الحديد إلى باطن الأرض وشكل ما نسبته 35 في المائة من كتلتها أي ألفي تريليون طن؟
يعتقد العلماء والباحثون أن الكثير من النيازك الحديدية ضربت الأرض قادمة من الفضاء الكوني واخترقت طبقات الأرض واستقرت في مركزها أثناء تكونها وتشكلها عبر ملايين السنين. فسبحان من جعل بعضنا لبعض سخريا.